يتضمّن الإصدار الثالث والستون للنشرة الاقتصادية العربية، خمسة دراسات محورية باللغة العربية. وتتناول قضايا محورية للتنمية العربية في ظل التحولات التاريخية التي تمرّ بها المنطقة العربية والتحديات التي تواجهها لشريق الطريق إلى الإصلاح وتعزيز الكفاءة الاقتصادية. بما يتيح للاقتصاد العربي أن ينضم إلى صفوف الدول النامية التي صنعت لنفسها موقعا مؤثرا في الاقتصاد العالمي.
جاءت الدراسة الأولى بعنوان: "تغيّر المناخ يعيد رسم خارطة التجارة العالمية.. شرايين سلاسل الامداد الاستراتيجية مهددة؟!" ومن خلال هذه الدراسة سنلقي الضوء على واقع التجربة العالمية، لتوضيح كيف يمكن أن تساهم التأثيرات البشرية على الممرات المائية في أزمة المناخ العالمية. حيث أسهمت التدخلات البشرية بتسريع معدل تحلل المواد العضوية في الأنهار والجداول على نطاق عالمي، مما قد يشكّل ذلك تهديدا للتنوع البيولوجي في الممرات المائية حول العالم ويزيد من كمية الكربون في الغلاف الجوي للأرض، وبالتالي تفاقم أـزمة تغيّر المناخ.
وحملت الدراسة الثانية عنوان: "جغرافيا الطاقة - المغرب: نموذج ريادي في مجال الطاقة والطاقة المتجددة"، حيث في عصر تتسارع فيه وتيرة التغيرات البيئية والتحديات الاقتصادية، تبرز جغرافيا الطاقة كموضوع حيوي يشغل بال العلماء وصناع القرار على حد سواء. تعد الطاقة العمود الفقري لأي اقتصاد والمحرك الأساسي للتنمية المستدامة في المجتمعات حول العالم. يهدف هذا المقال إلى استكشاف تعريف الطاقة وأنواعها، مشيراً إلى الفروقات بين المصادر التقليدية كالفحم والنفط، والمصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع التركيز على كيفية تأثير هذه المصادر في خريطة الطاقة العالمية.
سنعرج بعد ذلك للنظر في جغرافيا الطاقة على مستوى العالم، مستعرضين كيف تتوزع مصادر الطاقة الرئيسية ومدى تأثير الجغرافيا السياسية في تحديد أنماط استهلاك وإنتاج الطاقة. وأخيرًا، سنختم بدراسة جغرافيا الطاقة في المغرب، وكيف تمكن من رسم ملامح استراتيجية طاقية تعد بالاستدامة والكفاءة، مستفيدًا من موقعه الجغرافي المتميز والموارد الطبيعية المتاحة.
أما الدراسة الثالثة فكانت بعنوان: "جغرافيا الخدمات - نموذج المغرب: التحديات والفرص المستقبلية"، ففي عالم يتسارع فيه التغيير، يزداد دور الخدمات في تشكيل اقتصاديات الدول وتحديد مسارها نحو التقدم والازدهار. فلم تعد السلع الملموسة هي المحرك الرئيسي للنمو، بل أصبحت الخدمات، بكل تنوعها وتفردها، تشكل قلب الاقتصاديات الحديثة. ولذا، برزت "جغرافيا الخدمات" كفرع هام من فروع الجغرافيا الاقتصادية، تهدف إلى دراسة توزيع وتنظيم وتطور أنشطة الخدمات في مختلف أنحاء العالم.
وتسلط هذه الدراسة الضوء على "جغرافيا الخدمات"، ذلك المجال المُهِم من الجغرافيا الاقتصادية الذي يهتم بدراسة توزيع الخدمات حول العالم، وخصائصها المكانية، وتأثيرها على التنمية والتخطيط الإقليمي. في القسم الأول، سنُعرّف مفهوم الخدمات ونُناقش خصائصها العامة، ونُقدم لمحة عن توزيعها حول العالم، مُركزين على العوامل المؤثرة على هذا التوزيع. في القسم الثاني، سنُخصص اهتمامنا بجغرافيا الخدمات في المغرب، مُحللين توزيع وتنوع الخدمات في مختلف أنحاء البلاد، ونُناقش التحديات والفرص التي تواجه هذا القطاع الحيوي. وتهدف هذه الدراسة إلى فهم أفضل لدور الخدمات في الاقتصاد والمجتمع، ودراسة العوامل التي تُشكل توزيعها المكاني، ونُسلط الضوء على أهمية جغرافية الخدمات في التخطيط الإقليمي والتنمية المستدامة.
وجاءت الدراسة الرابعة تحت عنوان: "الاقتصاديات الانسانية: تأثيرات الحروب والكوارث على الأمن الاقتصادي في العالم العربي". إذ في الوقت الذي تواجه البشرية اليوم تحديًا كبيرًا، يتمثل في كيفية استخدام النظم السياسية الحالية، لعملية إدارة العلاقات الصعبة والمعقدة ما بين الاقتصاد العالمي، وتأمين الأمن الاقتصادي داخل الدول. فإنّه إذا لم تتم عملية المواءمة ما بين اقتصاد عالمي مستدام، وأمن اقتصادي إنساني فردي، فلن يكون لأي منا المستقبل الذي يتمناه. لذلك نطرح في هذا الدراسة أهمية الاقتصاديات الإنسانية والأمن الاقتصادي وأهمية تحقيقه في العالم العربي بالإضافة الى الأزمات التي مرت بها الدول العربية من حروب وكوارث طبيعية وتقديم استراتيجيات لتعزيز الأمن الاقتصادي في ظل هذه الأزمات.
وتلقي الدراسة الخامسة التي جاءت بعنوان: "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي.. الاقتصاد العالمي في مأزق"، الضوء على واقع الاقتصاد العالمي، حيث تشير التوقعات إلى اتساق النمو العالمي مع تنبؤات عدد إبريل 2024 من تقرير أفاق الاقتصاد العالمي، حيث يصل إلى 3.2 في المئة في عام 2024 و3.3 في المئة في عام 2025. غير أن تفاوت زخم النشاط في مطلع العام كان له دور في الحد من تباعد مستويات من مستوياتها الممكنة. ويعوق تضخم أسعار الناتج عبر الاقتصادات مع انحسار العوامل الدورية واقتراب معدلات النشاط الخدمات التقدم المرجو نحو ابطاء معدلات التضخم، مما يصعب معه استعادة السياسات النقدية العادية. وأدى ذلك إلى تصاعد خطر تجاوز التضخم لمستوياته المتوقعة، وبالتالي زيادة احتمالات ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول كثيرا، في سياق تنامي الاضطرابات التجارية وازدياد عدم اليقين إزاء السياسات. ولإدارة هذه المخاطر والحفاظ على النمو، ينبغي تنفيذ مزيج السياسات اللازمة وفق تسلسل دقيق لتحقيق استقرار الأسعار وتعويض تراجع الاحتياطيات الوقائية.
+ أضف تعليق
شكراً لك،
سنعاود الاتصال بك لاحقاً