عندما نتحدث عن غرفة الاسكندرية فان المجال سيطول لانها احد الصروح التجارية فى مصر نشات من منطلق وطنى ومنذ تاريخ نشأتها 1922 عندما عقد اول اجتماع لانشائها كان الغرض من إنشاء الغرفة التجارية ايجاد كيان قادر على مواجهة غرف اجنبيه عديدة للتجار الاجانب الذين يحتكرون النشاط التجارى وحتى يستطيع التجار والصناع المصريون مواجهة التطورات الاقتصادية التى كانت تشهدها البلاد فى ظل حراك وطنى يدعو الى التحرر الاقتصادى ورفع شعار الصناعة المصرية وحمايتها وهو المنهج الذى استمرت عليه الغرفة منذ نشاتها وحتى وقتنا هذا
فغرفة الاسكندرية كان لها ومازال مواقفها الوطنية الداعمة للحكومات المصرية المتعاقبة خاصة فى وقت الشدائد والازمات ودورها فى الحفاظ على سلامة الاقتصاد الوطنى واستقرار الاسواق والحفاظ على المستهلك المصرى ففى اعقاب الحرب العالمية الاولى تدخلت فى معالجة الاثار السلبيه الناجمة عن الحرب فتدخلت فى حل مشكلة السكر التى كان يعانى منها التجار ورفع القيود عن تجارته ومسالة تخفيض نولون السفن والسكك الحديدية وتخفيض رسوم الارضية ومسالة تخفيض تعريفة الترام واعادتها الى ما كانت عليه بعد ان انخفضت تكاليف الوقود ومسالة الشكوى من تقدير عوايد الاملاك وغيرها من المشكلات التى كانت تشغل بال التجار وتهم المدينة بوجه عام فى تلك السنوات الاولى من حياة الغرفة ليس هذا ولكنها كانت الاكثر حرصا على سلامة العمال المصريين لذلك كان دورها المميز فى بداية عهدها بلفت نظر بلدية الاسكندرية ووزارة الداخلية منذ عام 1923 الى سوء الحالة الصحية فى الاحياء الوطنية لاسيما قسم كرموز وهو الذى يسكنه اكبر عدد من الصناع والعمال لان اهمال الحالة الصحية فى هذه المناطق يؤثر لا محالة فى صحة العمال ويترتب على ذلك نقص عددهم لانتشار الامراض الفتاكة وكثرة عدد الوفيات وان القطر الذى يشكو من ازمة تجارية وصناعية لجدير بان يحافظ على حياة الصناع والعمال مع لفت نظرها الى ضرورة ايجاد قانون لحماية الصناع والعمال لا سيما الذين يشتغلون فى مصانع بها مواد سامة وغيرها مما يؤثر فى حالتهم الصحية
وقد بدأت الغرفة بمجموعة من المفاهيم التى تستهدف تنظيم حركة التجارة والحفاظ على حقوق المستهلكين بداية من عام 1923 بتوعية التجار باهمية معاينة ومراجعة الموازيين والحرص على نظافتها وبانشاء اسواق نظامية لتحسين حالة التجارة والصناعة والزراعة وكانت البداية باسواق للبيض والبصل فى عام 1924 للقضاء على ظاهرة الغش فيهما . ليس هذا فقط بل كان لها الريادة فى بداية عملها فى اعدادا تقارير عن حالة السوق وكانت هذه التقارير محط اهتمام مصلحة التجارة والصناعة خاصة بالنسبة للمحاصيل وكانت دائما ما تطلبها من الغرفة لنشرها على التجار وغيرهم من المهتمين بشئون البلاد الاقتصادية باعتبار ان الغرف هى اعلم الهيئات بحالة السوق وتقوم بمتابعة تقلباته واسبابها .
ولأن قضية التدريب كانت ومازالت من الامور التى تضعها الغرفة على قائمة اولوياتها لرفع كفاءة العاملين فى مجال التجارة فقد تبنت الغرفة ومنذ بداية انشائها فى عام 1922 تنظيم دورات تدريبية فى فن الاختزال العربى بمركز الغرفة 3 مرات فى الاسبوع للتجار والطلاب والراغبين فى تطوير ادائهم المهنى كما كانت تنظم دورات لارشاد التجار لما ينبغى اتباعه فى تنظيم دفاترهم وتنسيقها والعناية بدقتها لتكون دفاتر قانونية تليق بكرامة التجارة والتجار وللحفاظ على كرامة التجار قررت الغرفة ومنذ عام 1934 اصدار تذاكر كارنيهات شخصية لاعضاء الغرفة لتسهل لهم عند اللزوم اثبات شخصيتهم بصفتهم اعضاء فى الغرفة كانت هذه البداية الوطنية القوية لهذا الصرح الاقتصادى الوطنى الكبير بل استطاعت الغرفة وفى عام 1927 ان تقف فى وجه التجار الاجانب عندما ناهضوا المرسوم الملكى الخاص بقواعد تاسيس الشركات المساهمة حيث رفضت كل محاولات الغرف الاجنبية لالغاء هذا المرسوم مؤكدة ان الغرفة لا يتسنى لها ان تتحدى سلطات الحكومة المصرية خاصة وانها ترى ان المرسوم الملكى الخاص بتأسيس الشركات المساهمة لا يلحق ضرر ما بمصالح اعضائها بل هو على النقيض ملائم للمصالح الاقتصادية المشتركة العامة حيث تضمن ان يكون بمجلس ادارة كل شركة من الشركات المساهمة المصرية عضوان وطنيان وان يكون ربع موظفيها الذين يتولون وظائف كتابية وفنية من الوطنيين وان يقتنى ربع اسهمها وطنيون وكان للغرفة الدور الرائد فى دعم وتشجع الصناعة الوطنية من خلال اقامة المعارض الدائمة للترويج للصناعة الوطنية حيث كان الجزء الاكبر من هذا المبنى العملاق عبارة عن معرض للمنتجات الوطنية ليس هذا وفقط بل استطاعت ومن خلال الاتفاق مع بنك مصر على انشاء نظام لتسليف العارضين المشاركين بمعارض الغرف التجارية من الصناع بضمان معروضاتهم وبفائدة لا تزيد على 2 او 3 % اذ ان الغرض من هذه السلف هو تشجيع الصناع ومساعدتهم واستمرارا لدورها فى تشجيع الصناعة الوطنية فقد قامت الغرفة باعداد دليل تجارى لمدينة الاسكندرية باللغتين العربية والفرنسية يفى بحاجة التجار والصناع والسواح وغيرهم والغرفة هى ايضا اول من فكر فى استخراج شهادة منشأ للسلع الوطنية وذلك مع بداية إنشائها فى عام 1922وغرفة الاسكندرية كانت هى الداعم الدائم لحركة الغرف التجارية فى مصر فمن عام 1925 وهى تتبنى فكرة انشاء اتحاد عام للغرف التجارية وقد ظهر للوجود بالفعل من خلال مؤتمر للغرف نظمته غرفة الاسكندرية بالتنسيق مع غرفة القاهرة وذلك فى فبراير من عام 1926 وقد تم انتخاب مجلس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية بالقاهرة من عبد الحميد باشا الديب رئيس غرفة الاسكندرية رئيسا للاتحاد وطه بك السرجانى ومحمد زكى بك الشيتى نائبا رئيس ومحمد اسماعيل عبادة امينا للصندوق وعلى بك شكرى خميس سكرتير عام غرفة الاسكندرية سكرتيرا عاما للاتحاد وعبدالعزيز بك رضوان ومحمد بك بدوى وحسين بك عجمى ومحمد افندى حسن الاسكندرانى ونصيف افندى محروس والشيخ احمد بدوى ومحمد افندى شعبان اعضاء كل هذه البدايات القوية كانت الاساس لمسيرة عمل ونشاط استمر على مدى اكثر من 86 عاما .
استطاعت الغرفة خلالها ورغم اختلاف النظم الاقتصادية والسياسية ان تتلاءم وتسعى الى الحفاظ على حقوق التجار والاعمال على تنشيط الحياة الاقتصادية فى مدينة الاسكندرية وكانت الانطلاقة الحقيقة للغرفة فى الحقبة التاريخية التى تقع بين نهايات القرن العشرين واوائل القرن الحادى والعشرين حيث اتجهت الغرفة من خلال مجالس ادارتها المنتخبة الى احداث نقلة تكنولوجيه تختلف عن تلك الحقبات التاريخية السابقة والتى شهدت تطورات كبيرة نتصور ان ابرزها مشروع الاسكندرية مدينة الكترونيه والمشروع الرائد الذى تبنته الغرفة بالتعاون مع محافظة الاسكندرية لاعادة الرونق الحضارى للمدينة العريقة بالاضافة الى المركز المجتمعى واخيرا وليس آخرا المركز اللوجيستى وعودة المبنى التاريخى العريق للغرفة الى سابق عهده ونستعرض معا من خلال هذا الملف حياة الغرفة من واقع ملفات مجلس ادارتها بداية من عام 1922 وحتى وقتنا هذا .