شباط (فبراير) 2018

  • 1 - 28 فبراير 2018

تحديات النمو وخلق الوظائف في العالم العربي؟!
على الرغم من الجهود التي تبذلها حكومات الدول العربية في سبيل مواجهة تحديات البطالة، لكنّ الأرقام الواردة في تقرير منظّمة العمل الدوليّة "العمالة العالمية والتوقعات الاجتماعية: اتجاهات عام 2018"، تدعو في واقع الحال إلى الريبة والخوف نظرا لأنّ العالم العربي يأتي في مقدّمة البلدان التي تواجه تحديات البطالة بسبب تراجع فرص العمل نتيجة الأوضاع والظروف التي تعيشها المنطقة العربية منذ العام 2011.
بحسب تقرير منظمة العمل الدولية، من المتوقع أن تتجاوز أعداد العاطلين عن العمل 192 مليون شخص. وفيما يتعلق بالدول العربية، من المتوقع أن تظل ظروف سوق العمل مستقرة نسبيا، مع توقع انخفاض معدل البطالة الإقليمي قليلا إلى 8.3 في المائة في عام 2018 والارتفاع في عام 2019. أما منطقة شمال أفريقيا، فيتوقع التقرير أن يبقى عدد العاطلين عن العمل ثابتا عند 8.7 مليون شخص في ظل النمو القوي في قوة العمل، مع أهمية خفض معدل البطالة من 11.7 في المائة العام الماضي إلى 11.5 في المائة هذا العام، وفقا لمنظمة العمل الدوليّة.
إذا الواقع لا يبشّر على الاطلاق، فمعدل النمو الاقتصادي العربي بمقياس الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي)، أقل من متوسط النمو العالمي، الذي بلغ نحو 3.7 في المئة والنمو العربي 2 في المئة عام 2017. ويتوقع ان يبلغ النمو العالمي 3.9 في المئة والعربي 3.1 في المئة هذه السنة. أما موضوع الوظائف، فبيانات منظمة العمل الدولية تشير إلى أن معدل البطالة على المستوى الدولي بلغ نحو 5.6 في المئة وعلى المستوى العربي نحو 12 في المئة عام 2017. أما معدل البطالة بين الشباب فقد بلغ نحو 13 في المئة على المستوى الدولي ونحو 25 في المئة على المستوى العربي. أما مسألة الشمولية، فيبدو أنها ما زالت بعيدة المنال إذا ما كان السخط الشعبي الذي تأجج في عدد من البلدان العربية ابتداء من عام 2011 وما يزال لغاية اليوم دليلاً على ذلك.
السؤال المطروح هنا بقوّة ما هو العمل لتغيير هذا الواقع ووضعه في المسار الصحيح لتحقيق النمو الاقتصادي القادر على تحسين مستويات المعيشة في البلدان العربية؟
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، أشارت إلى أنّ المنطقة العربية في حاجة إلى النمو الاحتوائي الآن أكثر من أي وقت مضى. وذكرت أن دول المنطقة العربية أدرجت خلق الوظائف وتحقيق النمو الاحتوائي على رأس برامجها الإصلاحية منذ عام 2014 في أعقاب مؤتمر صندوق النقد الدولي الذي عقد في أيار (مايو) في عمّان. وعلى الرغم من تحقيق تقدم في هذا المجال، إلا أن لاغارد قالت إنه لا يكفي وإن بلداناً عدة تعاني في التعامل مع كيفية التعجيل بتنفيذ الإصلاحات، وتحويل هذه الأولويات إلى نتائج ملموسة حتى تتمكن هذه الدول من تحقيق تطلعات الشباب في المنطقة العربية، واستعادة الأمل في المستقبل، وبث مزيد من الثقة لدى الشعوب.
وكي لا يزداد الوضع سوءاً، وتزداد نسبة بطالة الشباب على المستوى المرتفع أصلاً والبالغ نحو 25 في المئة والذي يعتبر الأعلى على مستوى العالم، يجب في الحدود الدنيا توفير نحو 27 مليون فرصة عمل لاستيعاب الشباب الذين سيدخلون سوق العمل العربي خلال السنوات الخمس المقبلة (2018-2023). وفي هذا المجال يطرح سؤال بديهي: من يوفر فرص العمل المطلوبة؟
ما تشير إليه لاغارد يفيد بأن المنطقة العربية في حاجة إلى النمو الاحتوائي، وإن جهود التكيف والتحول في المنطقة العربية يجب تعزيزها والاستفادة من التكنولوجيا لدعم الشمول الاقتصادي والمالي وتحسين بيئة العمل. وهدف الازدهار للجميع يتحقق إذا وضع القائمون على شؤون البلاد سياسات وبرامج عمل قادرة على التعامل مع الأولويات الثلاث:
-كيف يمكن خلق قطاع خاص حيوي لتحقيق نمو أعلى ووظائف أكثر؟
-كيفية دعم المجموعات المستبعدة.
-كيفية استخدام سياسة المالية العامة للاستثمار في الموارد البشرية.
هذه الأولويات الثلاث التي أكدتها لاغارد ليست جديدة، بل هي جزء من فلسفة الصندوق خصوصاً مسألة إعطاء القيادة للقطاع الخاص، فهل تستجيب الحكومات العربية بإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص هذه المرة، أم تبقى الأمور على حالها وبالتالي إضاعة المزيد من الوقت والفرص؟

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن