النشرة الاقتصادية العربية العدد 67

  • 1 يوليو - 30 سبتمبر 2025

يتضمّن الإصدار السابع والستون للنشرة الاقتصادية العربية، خمسة دراسات محورية باللغة العربية. وتتناول قضايا حول تعزيز واقع التنمية في البلدان العربية في ظل التحولات التاريخية التي تمرّ بها المنطقة العربية والتحديات التي تواجهها لشريق الطريق إلى الإصلاح وتعزيز الكفاءة الاقتصادية. بما يتيح للاقتصاد العربي أن ينضم إلى صفوف الدول النامية التي صنعت لنفسها موقعا مؤثرا في الاقتصاد العالمي.

جاءت الدراسة الأولى بعنوان: "التأثيرات المحتملة للتعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة على الاقتصاد العربي والعالمي".

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل التأثيرات المحتملة للتعريفات الجمركية الأميركية الجديدة على الاقتصادين العربي والعالمي، من خلال استعراض آثارها المباشرة وغير المباشرة على التجارة الخارجية، وتدفقات الاستثمار، وأسعار السلع، واستقرار الأسواق. كما تسعى إلى تقديم مجموعة من التوصيات العملية لتعزيز قدرة الدول العربية على التكيّف مع هذه التحولات، وتحقيق موقع أكثر توازناً في النظام التجاري الدولي المتغير.

يشهد الاقتصاد العالمي خلال عام 2025 مرحلة جديدة من التصعيد التجاري، نتيجة السياسات الحمائية التي أعاد تبنيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية. فقد أعلنت الإدارة الأميركية، ابتداءً من نيسان (أبريل) 2025، سلسلة من التعريفات الجمركية الشاملة على الواردات من أكثر من 60 دولة، تحت مسمى "تعريفات يوم التحرير"، بمتوسط معدل بلغ بين 15% و18%، وهو أعلى مستوى تعرفه الولايات المتحدة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

بالنسبة للعالم العربي، تُضاف هذه السياسات إلى مجموعة من التحديات البنيوية التي تعاني منها الاقتصادات العربية، مثل هشاشة التجارة البينية (التي لا تتجاوز 15% من إجمالي المبادلات)، وتفاقم الحواجز غير الجمركية، وضعف التنويع الاقتصادي، وارتفاع تكاليف النقل والخدمات اللوجستية. وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى ضعف القدرة التنافسية للمنتجات العربية في الأسواق العالمية، وتزيد من هشاشة الاقتصادات أمام الصدمات الخارجية.

وجاءت الدراسة الثانية بعنوان: "خطة التعافي الأخضر.. دور معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة في إعادة الإعمار والتنمية المستدامة".

ويشهد العالم، والمنطقة العربية على وجه الخصوص، سلسلة من الأزمات المركبة والمتداخلة، بدءاً من التحديات الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى الآثار المتزايدة لتغير المناخ والنزاعات الإقليمية. تفرض هذه الأوضاع الاستثنائية ضرورة تبني مقاربات جديدة وشاملة لإعادة البناء والنمو، بحيث لا تقتصر على معالجة التداعيات الآنية، بل تستشرف المستقبل وتضمن تحقيق تنمية مستدامة وقادرة على الصمود. في هذا السياق، يبرز مفهوم "التعافي الأخضر" كإطار واعد يدمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والاقتصادية في صلب جهود التعافي وإعادة الإعمار.

تكتسب هذه الدراسة أهمية خاصة في السياق العربي الذي يواجه تحديات فريدة من نوعها، بما في ذلك الدول التي تعاني من آثار النزاعات والأزمات الإنسانية، وتلك التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها وتعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية. إن تبني مبادئ التعافي الأخضر يمثل فرصة حقيقية لإعادة بناء اقتصادات أكثر مرونة واستدامة، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

وتهدف هذه الدراسة إلى استكشاف الدور المحوري لمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) في صياغة وتنفيذ خطط التعافي الأخضر وإعادة الإعمار في المنطقة العربية. وتسعى بشكل خاص إلى فهم كيف يمكن لهذه المعايير أن تساهم في تحقيق تنمية مستدامة وشاملة، من خلال توجيه الاستثمارات، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وضمان مراعاة الجوانب البيئية والاجتماعية في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ.

ولتحقيق هذه الأهداف، تعتمد الدراسة على منهجية تحليلية تستند إلى استعراض الأدبيات ذات الصلة، وتحليل التجارب العالمية الناجحة في مجال التعافي الأخضر وتطبيق معايير ESG، بالإضافة إلى تقديم رؤى وتوصيات استراتيجية قابلة للتطبيق في السياق العربي. من خلال هذا التحليل، تسعى الدراسة إلى تقديم إطار عملي يمكن الاستناد إليه في تبني وتنفيذ خطط تعافي أخضر فعالة ومستدامة تساهم في تحقيق مستقبل أفضل للمنطقة.

وتحمل الدراسة الثالثة عنوان: "برامج الإرشاد والتوجيه المهني في ظل الرقمنة والذكاء الاصطناعي"، وهي من إعداد منظمة العمل العربية.

شهدت أسواق العمل العربية تحولات متسارعة بفعل التطورات التكنولوجية والرقمنة والذكاء الاصطناعي، مما يفرض تحديات وفرصا غير مسبوقة أمام منظومات التدريب والتعليم والتوجيه المهني في الدول العربية.

وتماشيا مع هذه التطورات، أصدرت منظمة العمل العربية دراسة بعنوان: "برامج الإرشاد والتوجيه المهني في ظل الرقمنة والذكاء الاصطناعي كإضافة علمية مهمة تواكب هذه المتغيرات". حيث تسهم هذه الدراسة في إثراء الجهود الرامية إلى بناء نظم إرشاد وتوجيه مهني حديثة تستجيب لتطلعات الشباب واحتياجات أسواق العمل.

وتكتسب هذه الدراسة أهميتها في ضوء ما تتضمنه تقارير التوظيف والبطالة في الدول العربية، التي تصدرها المنظمة بشكل دوري، والتي تبرز التحديات القائمة فيما يتعلق بارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والنساء والحاجة الماسة إلى بناء نظم إرشاد وتوجيه مهني مرنة ومبتكرة، قادرة على ربط مخرجات التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل في ظل الاقتصاد الرقمي. وإن تعزيز دور برامج الإرشاد والتوجيه المهني، وتوظيف الرقمنة والذكاء الاصطناعي في تصميمها وتنفيذها، يمثل فرصة واعدة لتحسين فرص التوظيف، ورفع إنتاجية العمل، وتمكين الشباب العربي من بناء مسارات مهنية مستقرة، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف الثامن تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع".

أما الدراسة الرابعة فكانت بعنوان: "المسؤولية المجتمعية في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي: فرص وتحديات".

وتشهد الدول العربية تباينا ملحوظا في مدى التقدم المُحرز على صعيد التحول الرقمي وتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. فبعض الدول أحرزت تقدماً كبيراً، بينما لا تزال دول أخرى تواجه تحديات في البنية التحتية، والتعليم التقني، وصياغة السياسات.

ووفقا لتقرير الإسكوا2024 ، لا يزال متوسط أداء المنطقة العربية في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية  EGDI دون المتوسط العالمي، على الرغم من التقدم الملحوظ في بعض الدول. فقد حققت دول مجلس التعاون الخليجي تصنيفات متقدمة على المستوى العالمي، في حين لا تزال بعض الدول العربية الأخرى تواجه تحديات متباينة نتيجة لظروف محلية خاصة، مما ينعكس على تصنيفها ضمن الفئات المتوسطة أو الضعيفة في المؤشر.

ويشهد العالم العربي نموا ملحوظا في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، مدعوما بسياسات حكومية نشطة، ورؤى استراتيجية بعيدة المدى، ليس فقط كأداة تقنية، بل كنموذج إداري وفلسفي جديد يعيد تعريف مفاهيم مثل: الكفاءة، الشفافية، والتفاعل مع المواطنين. تقنيات مثل تعلم الآلة، التحليل التنبؤي، والمساعدات الرقمية باتت تُستخدم في التعليم، الصحة، النقل، والخدمات الحكومية، لتفتح الباب أمام أنماط غير مسبوقة من تقديم الخدمات وقياس الأثر الاجتماعي.

أما الدراسة الخامسة فعنوانها: "المسؤولية المجتمعية في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي: الفرص والتحديات".

وتأتي هذه الدراسة حيث يشهد العالم تحولات متسارعة بفعل التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، التي أعادت تشكيل طريقة العيش والعمل والتفاعل الفردي والمؤسس ي، ومع هذه الطفرة التقنية تتزايد الحاجة لتعزيز مفهوم المسئولية المجتمعية، لتتماشى مع متطلبات العصر الرقمي، وصولا إلى تحسين جودة الحياة، وتوجيه هذا التقدم لخدمة المجتمعات.

+ أضف تعليق

إلزامي

شكراً لك،
سنعاود الاتصال بك لاحقاً

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن