أيلول - كانون الأول (سبتمبر - ديسمبر) 2024

  • 1 سبتمبر - 31 ديسمبر 2024

ما هي المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي في 2025؟

 

ما إن بدأ الاقتصاد العالمي في تجاوز تداعيات جائحة كوفيد-19 حتى ظهرت مجموعة جديدة تماماً من التحديات التي تنتظر عام 2025. فخلال عام 2024، تمكنت البنوك المركزية العالمية من البدء في خفض أسعار الفائدة، بعدما نجحت إلى حد كبير في كبح التضخم دون التسبب في ركود اقتصادي عالمي. وشهدت الأسهم مستويات قياسية في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث أعلنت مجلة "فوربس" أن العام 2024 كان "مميزاً للأثرياء للغاية"، مع انضمام 141 مليارديراً جديداً إلى قائمتها الخاصة بأغنى الأغنياء.

وكان عام 2024 عاما انتخابيا حافلا، إذ عاقب الناخبون الحكومات الحاكمة من الهند إلى جنوب أفريقيا، مروراً بأوروبا والولايات المتحدة، بسبب الواقع الاقتصادي الذي يعيشونه نتيجة أزمة قاسية في تكاليف المعيشة ناجمة عن الزيادات المتراكمة في الأسعار بعد الجائحة. وهنا يبرز الخوف من أن تزداد الأمور صعوبة عام 2025. ففي حال نفّذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعوده وتهديداته بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية فسيتسبب ذلك دون أدنى شك في اندلاع حرب تجارية، مما سيؤدي إلى جرعة جديدة من التضخم أو تباطؤ اقتصادي عالمي أو كلاهما معاً. كما أن البطالة، التي تقترب حالياً من أدنى مستوياتها التاريخية، قد تبدأ في الارتفاع. من دون أن نتغافل واقع الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، والجمود السياسي في ألمانيا وفرنسا، إلى جانب التساؤلات بشأن الاقتصاد الصيني، التي تزيد المشهد غموضاً.

ووفقاً للبنك الدولي، فإن الدول الأكثر فقراً تعيش أسوأ أوضاعها الاقتصادية منذ عقدين، حيث فشلت في الاستفادة من التعافي الذي أعقب الجائحة. وآخر ما تحتاجه هذه الدول هو تحديات جديدة، مثل تدهور التجارة أو صعوبة شروط التمويل. وفي الاقتصادات الغنية، يتعين على الحكومات إيجاد حلول للتعامل مع قناعة العديد من الناخبين بأن قدرتهم الشرائية ومستوى معيشتهم وآفاق مستقبلهم في تراجع. إذ أنّ الفشل في معالجة هذه القضايا قد يؤدي إلى تصاعد نفوذ الأحزاب المتطرفة التي تسبب بالفعل برلمانات منقسمة ومعلقة.  

وتلوح في الأفق أولويات إنفاق جديدة تضغط على الميزانيات الوطنية التي أرهقت بالفعل بعد جائحة كوفيد-19، وتشمل هذه الأولويات مكافحة تغير المناخ، وتعزيز القدرات العسكرية، ورعاية الفئات المسنّة. لكن لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال اقتصادات قوية قادرة على توليد الإيرادات اللازمة. فإذا قررت الحكومات الاستمرار في النهج الذي تتبعه منذ سنوات -أي زيادة الديون- فإنها عاجلاً أم آجلاً تواجه خطر الوقوع في أزمة مالية.  

وتواجه الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ضغوطاً متزايدة لبدء تحول عميق مع تراجع زخم نموها في السنوات الأخيرة. ويقول الاقتصاديون إنه يتعين عليها تقليل الاعتماد المفرط على الصناعة وتوجيه المزيد من الأموال إلى جيوب المواطنين ذوي الدخل المنخفض.  

أما أوروبا، التي تأخر اقتصادها أكثر مقارنة بالولايات المتحدة منذ الجائحة، فعليها معالجة الأسباب الجذرية لتلك الفجوة -من نقص الاستثمار إلى فجوات المهارات. لكن الخطوة الأولى ستكون حل الجمود السياسي في أكبر اقتصادين في منطقة اليورو، ألمانيا وفرنسا.  

أما بالنسبة للعديد من الاقتصادات الأخرى، فإن احتمالية قوة الدولار الأميركي -إذا تسببت سياسات ترامب في تضخم وأبطأت وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفدرالي- تعتبر نبأً سيئاً. ذلك سيؤدي إلى سحب الاستثمارات منها وزيادة تكلفة ديونها المقومة بالدولار.

وأخيراً، هناك التأثير غير القابل للتنبؤ إلى حد كبير للصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، وكلاهما قد يؤثر على تكلفة الطاقة التي تعد شريان حياة الاقتصاد العالمي.  

في الوقت الحالي، يراهن صناع السياسات والأسواق المالية على قدرة الاقتصاد العالمي على تجاوز كل هذه التحديات، مع استكمال البنوك المركزية عودتها إلى مستويات أسعار الفائدة الطبيعية. لكن، وفق صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير حول آفاق الاقتصاد العالمي: "استعدوا لأوقات مليئة بعدم اليقين"؟!

إحصل على اشتراك سنوي في النشرة الاقتصادية العربية الفصلية

اشترك الآن