نيسان وأيار (أبريل ومايو) 2023

  • 1 أبريل - 31 مايو 2023

مستقبل الاقتصاد الدائري في الدول العربية

 

بدأت الدول العربية، تهتم بدرجة كبيرة، بما يسمى الاقتصاد الدائري، وتتعامل معه بحالة من الشفافية وزيادة الثقة عبر سلاسل الإمداد العالمية، التي تحفز على التحكم بشكل أكبر في الموارد، كما أن هناك بعض الاقتصادات التي تتمتع بوجود سلاسل إمداد دائرية يتم عن طريقها اقتسام الأرباح بشكل عادل بين المجتمعات والمستهلكين وغيرهم، كما أن هناك أيضاً الثورة الصناعية الرابعة التي تشكلت ملامحها في وسائل تكنولوجية مثل الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء والنانو تكنولوجي، وأسهمت جميعها في انتعاش عدد من القطاعات مثل تتبع المعادن من المناجم إلى المستهلكين وتحليل البيانات لاستخدامها في إعادة التصنيع والتدوير.

إن المقصود بالاقتصاد الدائري هو تقليل المهدر من المواد والسلع والطاقة والاستفادة منها قدر الإمكان، بحيث يتم خفض الاستهلاك والنفايات والانبعاثات، وذلك عن طريق تبسيط العمليات وسلاسل الإمداد، حيث يسهم أيضاً في تعظيم الاستفادة من جميع المواد الخام والمعادن والطاقة والموارد بمختلف صورها، فضلاً على إطلاق عمليات إعادة التدوير والاستخدام وإعادة التصنيع والتطوير، بدلاً من نمط الهدر وإلقاء النفايات، إذ يعيد الاقتصاد الدائري بوجه عام تطوير الأنظمة الصحية والاستهلاكية والتعريف بقيمة الأشياء وأهمية الاستخدام الفعال، وتقليل الآثار السلبية الناجمة عن الأنماط الاقتصادية التقليدية، كما أنه يسهم في خلق فرص اقتصادية واستثمارية أفضل للشركات والمؤسسات، فضلاً على المزايا البيئية والاجتماعية.

تتمتع الدول العربية بالمواهب الشابة القادرة على بناء المستقبل المستدام، كما أنّ المنطقة العربية يمكنها الاستفادة من الفرص التي تتيحها مواردها وبنيتها التحتية المتقدمة وخبراتها التكنولوجية من أجل قيادة الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة، حيث تعتبر الصناعة الكيماوية عامل تمكين رئيسي لهذا التحول، ولكن ذلك يتطلب حلولاً جديدة وتضافر الجهود وتطوير الإجراءات لتحقيق التكامل عبر سلاسل القيمة وتطوير اللوائح والمعايير التي تدعم عمليات إعادة التدوير.

وتحتاج صناعة الكيماويات إلى تعزيز وتسريع جهود الابتكار لتطوير مواد أكثر فاعلية واستدامة بتكاليف منخفضة، حيث أن إنشاء مراكز للمواد المتقدمة في الدول العربية يمكن أن يعزز ويكمل البرامج الحالية، ويدفع حدود الابتكار إلى آفاق جدية من خلال التعاون العالمي.

ووفق هذا المعيار فإنّ تحول الطاقة العالمي يستلزم حدوث تحول عالمي موازٍ في إنتاج المواد التي تستخدم في قطاعات الإنشاء والتصنيع، وهو ما يمكن تسميته تحول المواد، إذ إن هناك ثلاثة عوامل ينبغي العمل بشأنها، وهي تعزيز وتسريع وتيرة الجهود في الابتكار لقطاع الكيميائيات، لتطوير مواد جديدة تستخدم على نطاق واسع في قطاع البناء والتصنيع، تكون أكثر قوة واستدامة، ومادتها الخام من البوليمرات، مع تقليل تكلفة إنتاجها، بحيث تكون منافسة في الأسعار، ومكملة للمواد التقليدية، كالحديد والخرسانة، مع تميزها في الأداء، إذ أن نمو الاقتصاد العالمي ونمو عدد السكان في العالم، ستنتج عنه زيادة كبيرة في الطلب على المواد التقليدية، ويحتاج إنشاء مركز لأبحاث وتطوير المواد الجديدة في الدول العربية لزيادة حدود الابتكار، من خلال التعاون العالمي، كما أن هناك فرصة للاستمرار والنمو في قطاع الكيميائيات، مع توفر الوقود والمواد الخام، وبنية تحتية داعمة على نطاق واسع.

وفي الختام سيستفيد العالم في 2030 من المبادرات البيئية التي أطلقت مؤخراً لمكافحة التغيرات المناخية والتحول نحو اقتصادات صفرية الانبعاثات الكربونية في شتى القطاعات، وفي ظل محاولات خفض انبعاثات الكربون ومكافحة التغيرات المناخية، أطلقت الدول العربية مبادرات لإعادة الاستخدام وزيادة الاستفادة من المواد والنفايات المهدرة من صناعات مختلفة وإدارتها على النحو الأمثل.

ولأهمية الاقتصاد الدائري في الدول العربية، من الضروري إدماجه ضمن إطار التكامل الاقتصادي العربي، وحساب مساهمته بشكل دقيق في توليد الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، وإدخاله ضمن التقرير الاقتصادي العربي الموحد للجامعة العربية ومؤسسات العمل العربي.