اذار (مارس) 2023

  • 1 - 31 مارس 2023

الذكاء الاصطناعي.. المخاوف والإيجابيات؟!

يشهد العالم اليوم سباقا محموما في مجال "الذكاء الاصطناعي"، ووسط هذا التحوّل المتسارع تبرز مخاوف عالمية من التأثير السلبي قبل الإيجابي لـ "الذكاء الاصطناعي" على واقع البشر، في حين تبرز مخاوف وهواجس أمنية لدى بلدان عديدة ومن بينها الصين التي أعلنت عن تشريعات جديدة متعلقة بالذكاء الاصطناعي حيث يتعين على جميع الشركات العاملة في الصين التقدم مسبقا بطلب الموافقة على تطوير برامج الذكاء الاصطناعي واستخدامها، حيث يتم التأكد من ملاءمتها للاستخدام وعدم احتوائها على ما يمكن أن يشكل مخاطر إنسانية أو اجتماعية أو أمنية، أو غير ذلك من مخاطر.

وفي أوروبا اقترح المشرّعون إيجاد نظام لتصنيف مخاطر برامج الذكاء الاصطناعي، حيث تعرف درجة المخاطرة في كل برنامج. كما أن وزارة التجارة الأمريكية طرحت وثيقة لمرئيات العموم حول استخدام الذكاء الاصطناعي والمخاطر المتعلقة باستخدامه تجاه عامة الناس وعلى حقوق النشر والملكية، وكذلك عما إذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي متحيزة في نتائجها أو لديها نزعات عنصرية أو إقصائية أو أنها قد تساعد على انتشار المعلومات الكاذبة والمزيفة.

يمكن اختزال المخاوف التي يشعر بها الناس عموما من انتشار الذكاء الاصطناعي في ثلاثة أمور، هي تلاشي الخصوصية وفقدان الوظائف وتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان بشكل يفقد معه الإنسان السيطرة على مجريات حياته. هناك من يطرح السؤال التالي، إن استطاع الذكاء الاصطناعي تقديم جميع الحلول وتنفيذ مختلف المهام، بل كذلك القيام بالتفكير بدلا من الإنسان، وبشكل أفضل منه، فماذا سيكون دور الإنسان في الحياة؟

صحيح أنّ هناك تشابه بين البرامج الذكية التي نستخدمها وبرامج الذكاء الاصطناعي، لكن في الوقت نفسه هناك اختلافات مهمة وكبيرة. فالبرامج التقليدية عبارة عن تعليمات مدونة بلغة الكمبيوتر، تقوم بتنفيذ عمليات حسابية أو أي مهام رقمية مطلوبة بشكل محدد وقاطع، حيث إنها تعطي النتيجة ذاتها في كل مرة نستخدمها، وهذه تعد ميزة كبيرة لهذه البرامج لأننا نريدها أن تعمل بهذا الشكل في جميع الأوقات.

من المعروف أن أقصى درجات التطور المراد لبرامج الذكاء الاصطناعي الوصول إليها هي مقدرة البرنامج على التمتع بالوعي الذاتي، كالإنسان، حيث يشعر الكمبيوتر بنفسه ويستطيع اتخاذ قرارات خاصة به، خارج سيطرة مطوريه، لكن لا يزال هذا المستوى من الذكاء الاصطناعي صعب المنال، ويعد مجرد افتراضات نظرية لا يمكن تحقيقها.

وعلى الرغم من ذلك، فإنّ السباق محموم بين الشركات التقنية العملاقة في هذا المجال، فشركة جوجل لديها "ألفا جو" وهو نموذج ذكاء اصطناعي برز على الساحة في 2016 بسبب تميزه في ممارسة لعبة رياضية معروفة في اعتمادها على البديهة والحنكة والفراسة، أكثر من اعتمادها على الحسابات الرياضية التي من الممكن تنفيذها بالكمبيوتر بسهولة.

شركة آي بي إم لديها نظام "واتسون" الذي كان الهدف منه إنتاج روبوت للمحادثات، كما يتم في خدمات العملاء لدى الشركات، وذلك بالاعتماد على علوم معالجة اللغات الطبيعية والشبكات العصبية، ثم تطور البرنامج فأصبح يستخدم في عدة مجالات طبية وتجارية وتعليمية. وهناك برنامج الطيار التلقائي المطور من قبل شركة تسلا، الذي يتميز بقدرته على التحكم بمسار المركبات من خلال قراءة بيانات الكاميرا والرادار وبيانات نظام الملاحة والخرائط واستخدامها في تقنيات الرؤية الرقمية والتعلم العميق والحركة.

وهناك الروبوت صوفيا من شركة هانسون للروبوتات تميز في محاكاته للإنسان في الشكل والكلام والحركة، وذلك بتوظيفه للذكاء الاصطناعي في فهم صوت الإنسان واستخدام معالجات اللغات الطبيعية في النطق والتحدث كالإنسان، وهو الروبوت الذي حصل على الجنسية السعودية في 2017.

في المحصّلة إنّ التخوف العام من الذكاء الاصطناعي مفهوم إلى حد كبير، كما ذكرنا بسبب الخصوصية وفقدان الوظائف وتدني قيمة الإنسان، لكن هناك جهات أخرى تخشى من هذه التطورات لأسباب عديدة، بعضها مخاوف أمنية كما تشعر به الجهات الأمنية عموما، وبعضها مخاوف اقتصادية يمكن أن تحصل في حال سبقت جهة ما لجهة أخرى في سبر أغوار تلك التقنية الحديثة، إلى جانب وجود مخاوف من المجهول أيا كان شكله، وذلك ما دعا البعض إلى طلب التريث في نشر الذكاء الاصطناعي والتوسع في استخداماته.