ايلول وتشرين الاول (سبتمبر واكتوبر) 2022

  • 1 سبتمبر - 31 أكتوبر 2022

تطوير التعاون الاقتصادي العربي وفق متطلبات المتغيّرات العالمية

 

في البداية وقبل الغوص في تفاصيل الظروف والأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم، ومن بلداننا العربية، وتأثير كل ذلك على اقتصاداتنا العربية، لا بدّ لي أن أعبّر عن مدى شعوري بالفخر والاعتزاز الكبيرين، عن تولّي رئاسة اتحاد الغرف العربية للسنتين المقبلتين.

واسمحوا لي في هذا المناسبة أن أتوجّه بالتحيّة والثناء، إلى سعادة الأستاذ عبد الله محمد المزروعي، رئيس اتحاد الغرف بدولة الامارات العربية المتحدة، على الجهود الجبّارة التي بذلها خلال فترة رئاسته لمجلس إدارة الاتحاد، وسط أحلك الظروف التي مرّت وتمرّ على بلداننا العربية، فتميّزت ولايته بالتجديد والتطوير والعمل والإنجازات التي ستحفر في سجل الاتحاد الذهبي.

أما بعد، فإنّ ما يمرّ به العالم يجعلنا كقطاع خاص عربي بالتعاضد والشراكة مع حكومات بلداننا العربية، مناقشة بكل جديّة القضايا التي تهم اقتصاداتنا وشعوبنا في سبيل الارتقاء إلى مصاف البلدان المتقدّمة والمزدهرة، ومن بين هذه القضايا "اتفاقية الاستثمار العربية الموحدة"، و "معوقات التجارة العربية في ظل التحوّل الرقمي واحتياجات التنمية المستدامة والمستجدات العالمية"، و "دور الغرف العربية كشريك ضامن وعملها كغرف ثقة للعمليات التجارية"، و "واقع النقل واللوجستيات في ظل التحديات العالمية"، إضافة إلى "التحديات المستجدة في التجارة العالمية والخيارات والفرص المتاحة أمام الاقتصاد العالمي"، إلى جانب العديد من المواضع الهامة التي تحتّم علينا كقطاع خاص عربي، التنسيق والعمل لاستكمال مسيرة التطوير والنهوض في الاتحاد، فضلا عن مجابهة التحديات التي تواجه بلداننا العربية وتلبية طموحات شبابنا العربي الحالم بغد أفضل.

كما لا بدّ من إيلاء الاهتمام بشكل أكبر بالعملية التعليمية في الدول العربية وإحداث تطوير نوعي في مناهج التعليم خصوصا المناهج العلمية لضمان أن يتمتع الخريجون بالمعرفة والمهارات العالية التي تتيح لهم الاسهام في دفع عملية التنمية، وتحقيق النهضة العربية الشاملة، وتطوير التعليم وتحسين مناهجه وأدواته وآلياته كشرط لبناء القدرات البشرية المؤهلة القادرة على مواكبة تطورات العصر وبناء المجتمعات العربية المستنيرة المنافسة.

كذلك تقتضي الظروف التي فرضتها جائحة "كورونا" التي أفرزت تداعيات اقتصادية سلبية على مجمل الاقتصادات العالمية، يضاف إليها الأزمات السياسية والأمنية العالمية جرّاء الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي خلقت حالة من الهلع العالمي جرّاء موجة التضخّم التي تواجهها اليوم معظم دول العالم، والخوف من انعدام الأمن الغذائي العالمي بسبب الخلل العالمي الحاصل على صعيد سلاسل الإمداد، العمل على إعداد خطة عمل تستهدف تطوير التعاون الاقتصادي العربي، وزيادة التبادل التجاري وربط البنى التحتية في مجالات النقل والطاقة، وتعزيز الاستثمارات العربية في الدول العربية ولا سيّما في قطاعات الاقتصاد الرقمي والثورة الصناعية الرابعة، بما يساعد على احداث التنمية الاقتصادية والاقليمية وتوفير فرص العمل للشباب العربي.

وإذ نثمّن ما تحققه العديد من البلدان العربية من إنجازات في مجال التنمية المستدامة التي يجب أن تسعى السياسات الاقتصادية إلى تعظيمها. فإنّه في المقابل هناك بلدان عربية ما تزال تعاني ظروفا اقتصادية مدقعة. وأمام هذا الواقع لا بدّ من توظيف كافة الجهود من أجل وضع مقترحات قابلة للتنفيذ السريع من أجل تنمية الشراكة مع القطاع الخاص وايجاد بيئة استثمارية محفزة ورفع توصياته الشاملة قبيل القمة القادمة، ونؤكد ضرورة التقدم بشكل ملموس نحو اقامة منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى والاتحاد الجمركي.

إذن أمامنا تحديات كبيرة، لذا هناك ضرورة لاستمرار التشاور والتواصل من أجل اعتماد أفضل السبل وتبني البرامج العملية التي تمكننا من استعادة المبادرة في عالمنا العربي، والتقدم في الجهود المستهدفة حل الأزمات وتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد الفرص وتكريس قيم الديمقراطية وحقوق الانسان والمواطنة والمساواة التي تعزز الهويات الوطنية الجامعة وتحمي الدولة الوطنية ركيزة النظام الإقليمي العربي، وتحول دون التفكك والصراع، وتحمي بلادنا العربية وتجعلنا نصون الأمن والاستنارة وتحقيق المزيد من الانجاز.