أيلول (سبتمبر) وتشرين الاول (اكتوبر) 2021

  • 1 سبتمبر - 31 أكتوبر 2021

الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة في العالم العربي 

 

شهدت مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، حضور العديد من القادة والوزراء من دول المنطقة وخارجها، وقد عكست كلماتهم خلالها توجها لتبني الاقتصاد الأخضر. وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت المملكة عن مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" لتحسين جودة الحياة من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتحييد الآثار الناتجة عن النفط وحماية البيئة.

ويهدف "الاقتصاد الأخضر" إلى الحد من المخاطر البيئية، وتحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدي إلى حالة من التدهور البيئي.

في الواقع إنّ تَغير الأوضاع الاقتصادية في سبعينات القرن الماضي وما رافقها من أزمات عالمية، جعلت الدول الصناعيّة تعيد النظر في هيكلة اقتصادها بالتزامن مع وصول العالم إلى مرحلة الثورة التكنولوجية التي كان لها أثر استغل بصورة واقعية لكسر حاجز الاعتماد على الوقود الاحفوري (النفط، الفحم، الغاز) الذي يُعد مرتكزاً أساسياً في اقتصاد العديد من الدول. إلا أن إغفال الجانب البيئي أدى إلى تلوث البيئة متمثلاً بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري وتوسع طبقة الأوزون، فضلاً عن الجفاف والتصحر التي ازدادت حدتها مع زيادة استغلال تلك الموارد والضغوط السكانية، حتى أصبح استمرار النمو الاقتصادي تحديّاً لوجود الانسان.

وإزاء التحولات العالمية، اتجهت بعض الدول العربية لتعزيز مكانتها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر في سياق برامجها الإصلاحية، وقد أظهر تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية بأنّ 24 مليون فرصة عمل ستخلق بحلول عام 2030 في حال اتباع سياسات خضراء، ومن هذا المنطلق أصبح التحول من الاقتصاد التقليدي الى الاقتصاد الأخضر شعار المرحلة المقبلة لدى عدة دول عربية وتم ترجمة ذلك على مستوى السياسات والاجراءات مع الأخذ بعين الاعتبار أن هنالك تحديات ضاغطة تتعلق بتوفير إطار تنظيمي سليم بعد تحديث القوانين والسياسات البيئية ومصادر التمويل طويلة الأجل في ظل تفشي وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط.

وعلى الرغم من دعوة الأمم المتحدة لاعتماد الاقتصاد النظيف لكنها اعترفت بصعوبة تطبيقه في العديد من البلدان النامية لأنها ما تزال ضحية بعض المشاكل، وحسب مؤشر الأداء البيئي احتلت معظم دول الشرق الأوسط و شمال افريقيا مراتب متوسطة، إذ يحتاج الانتقال من نظام الاقتصاد البني إلى الاقتصاد الأخضر العمل الشاق لكل الجهات المعنية وأن المخرجات الإيجابية لهذا الانتقال تكون مكلفة مادياً في بعض الأحيان لكنها مفيدة ومهمة على المدى البعيد، والحكومات هي أهم الجهات المعنية في تطوير الاقتصاد من ناحية القوانين والسياسات ووضع استراتيجيات وطنية لتنمية قطاعات قابلة للتحول إلى البيئة  المؤاتية لتشجيع العمل في اقتصاد مزهر وأخضر.

كما أن للمنظمات الدولية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني مسؤولية تقديم المشورة القانونية والفنية من أجل بناء القدرات المحلية ونقل التكنولوجيا التي تدعم المشاريع الخضراء في الوطن العربي، وأن مستهلكي المنتجات الخضراء هم أقوى حليف في تعزيز نمو المشاريع الصديقة من خلال تبني ثقافة الاستهلاك والإنتاج المستدام.

خلاصة القول، إن التحول من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الأخضر صار شعار المرحلة المقبلة لدى عدد من الدول العربية، بل تم ترجمة ذلك على مستوى السياسات والإجراءات، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تحديات ضاغطة تتعلق بتوفير إطار تنظيمي سليم بعد تحديث القوانين والسياسات البيئية، ومصادر تمويل طويلة الأجل في ظل تفشى كورونا وانخفاض أسعار النفط، وتبلور شراكات قوية بين الدول ومؤسسات التمويل الدولية، وتوافر الوعى والثقافة البيئية التي قد تشجع على ظهور رجال أعمال صغار ومؤسسات ناشئة في الاقتصاد لديهم حوافز لإطلاق مشاريع بيئية مبتكرة ولاسيما في مجال المهن الخضراء. يضاف إلى ذلك إنشاء لجنة إقليمية لتبادل الخبرات والمعلومات عن الاقتصاد الأخضر.

 

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن