أكد أمين عام اتحاد الغرف العربية، الدكتور خالد حنفي خلال مشاركته في أعمال الملتقى الاقتصادي العربي - الألماني السنوي الثامن والعشرين، الذي عقد في برلين – ألمانيا خلال الفترة 19-21 أيار (مايو) 2025، أنّ "قطاع اللوجستيات والطيران في الشرق الأوسط والعالم يمر بتحولات جذرية بفعل الصراعات الإقليمية، والتوترات التجارية العالمية، والتحديات الاقتصادية. وللنجاح في هذا المشهد الديناميكي، يجب تبني استراتيجيات مبتكرة ترتكز على الرقمنة، وتنويع المسارات، وتعزيز التعاون الدولي، وبناء مرونة عالية في سلاسل التوريد".
وأكّد الدكتور خالد حنفي أنّ "المنطقة العربية تملك فرصًا كبيرة لتكون مركزًا لوجستيًا عالميًا بفضل موقعها الاستراتيجي واستثماراتها في البنية التحتية الحديثة"، لافتا إلى أنّ "الحرب في أوكرانيا ما زالت تعطّل الممرات اللوجستية الرئيسية، حيث انخفضت شحنات الحبوب عبر البحر الأسود بنسبة 35 في المئة عام 2023 مقارنة بعام 2022 حسب منظمة الأغذية والزراعة. بينما أدت الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر إلى زيادة مدّة الشحن بين آسيا وأوروبا 10-15 يومًا بسبب الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري بنسبة 250 في المئة. هذا فضلا عن تهديدات لـ 12 في المئة من التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس حسب بيانات صندوق النقد الدولي".
واعتبر أمين عام الاتحاد أنّ "منطقة الشرق الأوسط تشهد حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مع استمرار الحروب والنزاعات في عدة دول. وبالتالي تؤدي هذه الحروب إلى تعطيل خطوط الملاحة الجوية والبحرية، وارتفاع تكاليف التأمين على الشحنات، مما ينعكس سلبًا على كفاءة سلاسل الإمداد".
ورأى أنّه في ضوء المواجهة الأمريكية الصينية تعطّلت سلاسل الإمداد العالمية بفعل فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية على الواردات من الصين، وفرض الصين كذلك تعريفات على الواردات الأمريكية، مما أدى إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية. إلى جانب ذلك خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي إلى 2.8 في المئة عام 2025، مقارنة بـ3.3 في المئة سابقًا، بسبب تأثيرات الحرب التجارية، الأمر الذي أدى إلى إعادة هيكلة سلاسل الإمداد حيث بدأت الشركات الأمريكية في نقل مصادرها من الصين إلى دول مثل فيتنام والهند والإمارات العربية المتحدة، لتقليل الاعتماد على الصين وتجنب التعريفات الجمركية المرتفعة".
وتطرّق الدكتور خالد حنفي إلى موضوع التغيرات المناخية وتأثيرها على البنية التحتية، فكشف عن أنّ إغلاق قناة بنما بسبب الجفاف في 2023 أدى إلى تقليص عدد السفن المسموح بعبورها يوميًا بنسبة 30 في المئة، مما تسبب في تأخيرات كبيرة واضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي دفع إلى التحول نحو اللوجستيات الخضراء حيث بدأ الاتحاد الأوروبي تطبيق آلية ضبط الكربون على الحدود (CBAM) في أكتوبر 2023 بمرحلة انتقالية، وستطبق الرسوم فعليًا على بعض القطاعات (الحديد، الصلب، الألمنيوم، الأسمدة، الكهرباء والهيدروجين) تدريجيًا حتى حلول عام 2034. في حين يشهد سوق الوقود المستدام للطيران SAF نموًا قويًا للغاية، إذ يقّدر معدل النمو السنوي المركب المتوقع عالميًا للفترة 2024-2034 بحوالي 42 في المئة".
ودعا الأمين العام إلى "إعادة هندسة الشبكات اللوجستية عبر التخزين الاستراتيجي اللامركزي والممرات متعددة الوسائط الذكية. وكذلك لا بدّ من التحول الرقمي في اللوجستيات عبر الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين. إلى جانب ذلك يجب إحداث ثورة في الطيران المستدام والذكي من خلال الطائرات الكهربائية والهيدروجينية والمطارات الذكية".
واقترح الدكتور خالد حنفي أنّه من أجل التحول من ردة الفعل إلى المبادرة، ينبغي تعزيز الاستثمارات الجريئة في التقنيات الناشئة والذكية، بالإضافة إلى تعاون استراتيجي غير مسبوق بين القطاعين العام والخاص. كما المطلوب رؤية استباقية تعيد تعريف مفاهيم السرعة والكفاءة والمرونة، وكذلك التخطيط للطوارئ من خلال إعداد خطط بديلة للتعامل مع الأزمات المحتملة. مؤكدا أنّ "الخريطة اللوجستية العالمية تُرسم من جديد، ومن لا يتكيف اليوم سيخسر غدًا. بالتعاون والابتكار، يمكننا أن نكون في قلب النظام اللوجستي العالمي الجديد.
ونوّه الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، إلى أنّه "يوميًا نرى كيف يمكن للتكنولوجيا والشراكات أن تحول التحديات إلى فرص، خاصة في مجالي الأمن الغذائي وتقنيات الصحة، حيث تتطلب التغيرات الديموغرافية وأزمات المناخ المتتالية حلولًا مبتكرة. ولفت إلى أنّه "يشكل التعاون العربي-الألماني نموذجاً رائداً في تعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين منطقتينا 57.6 مليار يورو في 2024، مما يعكس قوة ومتانة هذه الشراكة".
وأكّد أنّ "ألمانيا تتمتع بخبرات متقدمة في مجالات الهندسة، الصحة، التكنولوجيا الرقمية، والابتكار، بينما تملك الدول العربية موارد طبيعية وشباباً طموحاً يمكنهم استثمار هذه الفرص لتحقيق تنمية مستدامة. وبالتالي لا بدّ من تعزيز التعاون في تقنيات الغذاء والصحة، خاصة عبر تبادل المعرفة والتكنولوجيا، سيساعد في مواجهة تحديات الأمن الغذائي، تحسين جودة الرعاية الصحية، وتطوير الصناعات المرتبطة".
وتطرّق إلى "تحديات الأمن الغذائي في المنطقة العربية، إذ وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يستورد العالم العربي أكثر من 50 في المئة من احتياجاته الغذائية، بتكلفة تتجاوز110 مليار دولار سنويًا. كما تؤثر التغيرات المناخية على 20 في المئة من الأراضي الزراعية في المنطقة، مما يزيد الحاجة إلى حلول مبتكرة مثل الزراعة الذكية والاستدامة المائية".
وأوضح أنّ "سوق الرعاية الصحية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يقدّر بنحو185 مليار دولار بحلول 2027، مع نمو سنوي يبلغ 5.4 في المئة. وبالتالي فإنّ ألمانيا كرائدة في التكنولوجيا الطبية، تصدر معدات بقيمة4.7 مليار يورو سنويًا إلى المنطقة العربية، مما يُظهر إمكانات هائلة لتعميق التعاون حيث تصل الاستثمارات الألمانية المباشرة في الدول العربية إلى أكثر من 12 مليار يورو، مع تركيز متزايد على قطاعي التكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة".
وختم الدكتور خالد حنفي بالقول إنّ "العمل المشترك والتنسيق المستمر بين الأطراف المختلفة هو السبيل لتحقيق نمو مستدام ومبتكر يعود بالنفع على شعوبنا واقتصاداتنا".
إلى ذلك، التقى امين عام اتحاد الغرف العربية د. خالد حنفي في برلين- ألمانيا السيد Gunther Beger مدير عام "يونيدو"، وجرى البحث في التحضيرات الجارية لانعقاد المؤتمر العام لـ "اليونيدو" في المملكة العربية السعودية خلال الفترة ٢٣-٢٧ نوفمبر المقبل تحت عنوان "قمة الصناعة العالمية"، واهمية مشاركة القطاع الخاص في هذه القمة، ودور اتحاد الغرف العربية ومكتب اليونيدو في البحرين في دعم الشباب والمرأة.
ودعا د. خالد حنفي السيد Gunther للقدوم إلى لبنان في شهر يوليو (تموز) وزيارة مقر اتحاد الغرف العربية والمركز العربي لرواد الأعمال الزراعيين. وجرى التشديد على أهمية استمرار التنسيق والتعاون بين اتحاد الغرف العربية ومنظمة اليونيدو عبر إقامة المزيد من النشاطات والمبادرات المشتركة في المرحلة القادمة.
وكان جرى على هامش المنتدى العربي الألماني توقيع اتفاقية تعاون بين الغرفة العربية الايطالية ممثلة برئيسها بيترو رامبينو، وغرفة تجارة الأردن، ممثلة برئيسها العين خليل الحاج توفيق. وبموجب اتفاقية التعاون سوف يتم افتتاح مكتب تمثيلي في العاصمة الأردنية عمّان لدعم الشركات الإيطالية التي تنوي فتح مكاتب جديدة في الأردن. وفي الوقت نفسه، ستتمكن الشركات الأردنية من استخدام المكتب الإيطالي الذي يعمل بالفعل في روما وميلانو لدعم الشركات الأردنية التي ترغب في الانفتاح على السوق الإيطالية.
كما جرى على هامش توقيع الاتفاقية بحث فرص التعليم والفرص المتاحة للشباب الأردنيين لكي يتمكنوا من الاستفادة من الدورات التدريبية التي يمولها الاتحاد الأوروبي وتوفرها الشركات الايطالية المتخصصة.
المصدر (اتحاد الغرف العربية)