افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي العربي البرازيلي بمشاركة رسمية حاشدة: العلاقات الثنائية تعززت بقوة في المشهد الاقتصادي العالمي الجديد

  • ساو باولو، البرازيل
  • 5 يوليو 2022
7

عقدت في مدينة ساو باولو في البرازيل، فعاليات المنتدى الاقتصادي العربي – البرازيلي بنسخته الرابعة، بتنظيم من الغرفة التجارية العربية البرازيلية بالتعاون مع اتحاد الغرف العربية وجامعة الدول العربية، وذلك تحت عنوان "تراث وابتكار". وسلط المنتدى هذا العام والذي يتزامن مع الذكرى السبعين لتأسيس الغرفة، الضوء على مستقبل الشراكة العربية البرازيلية.

وألقى الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو كلمة افتراضية في افتتاح أعمال المنتدى، حيث أكّد أنّ العلاقات البرازيلية العربية تعززت في المشهد العالمي الحالي، لافتا إلى أنّ العالم العربي يعدّ الآن ثالث أكبر سوق دولي للبرازيل، وقد سجل التدفق التجاري رقماً قياسياً جديداً بلغ 24 مليار دولار أمريكي العام الماضي.

وأوضح بولسونارو أنّ 26 في المئة من الأسمدة التي تزود الأعمال الزراعية في البرازيل تأتي من العالم العربي، لافتا إلى أنّه في العام الماضي، كانت الجزائر الشريك التجاري الرائد للبرازيل، ومصر هي الوجهة الأولى للصادرات من البرازيل، والمغرب هو المورّد الأول للبرازيل. وكشف عن أنّ حجم الاستثمارات من الصناديق العربية في البرازيل يقترب من 20 مليار دولار، معتبرا أنّ الصناديق العربية أصبحت مصدرا رئيسيا لرأس المال لبلدنا. وقال بولسونارو إن الحكومة تعتزم الدخول في اتفاقيات مع الدول العربية تسهل الاستثمار وتجنب الازدواج الضريبي، بالإضافة إلى اتفاقيات عبر ميركوسور، حيث أنّ النتائج التي حققتها اتفاقية ميركوسور ومصر تلهم مبادرات أخرى مثل المفاوضات التي بدأت مع الإمارات.

من جهته أوضح رئيس غرفة التجارة العربية البرازيلية أوسمار شحفي، إلى أنّ جائحة كورونا والصراع في أوروبا الشرقية أعادا تشكيل التجارة العالمية، لافتا إلى أنّ المعاملة بالمثل والتعاون من الركائز الجديدة للعلاقات الدولية، مشددا على أنّ "التجارب التي مرت بها جميع بلدان العالم منذ الجائحة ومن ثم اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، أظهرت بأنّ التجارة العالمية يجب أن تستند إلى أسس متينة للغاية من التقارب والمعاملة بالمثل والتعاون والتكنولوجيا". ونوّه الشحفي إلى أن الغرفة العربية البرازيلية استطاعت أن تسبق عملية التحول هذه من خلال إنشاء أول نظام تخليص جمركي قائم على blockchain بين البرازيل والدول العربية، لافتا إلى أنّ "وحدة التخليص الجمركي الخاصة بنا، والتي تم دمجها الآن مع منصةEllos ، تتيح لنا التحقق من صحة مستندات الشحن بطريقة رقمية تمامًا وبدون أوراق في إطار زمني لم يكن من الممكن تصوره سابقًا يصل إلى يومين".

وبيّن أنّ أسواق شمال إفريقيا الآن وجهة رئيسية للأعمال الزراعية البرازيلية، وتلعب البرازيل دورًا مهمًا في الأمن الغذائي لـ 420 مليون عربي، ومن ناحية أخرى تساهم الدول العربية في تعزيز القدرة التنافسية للبرازيل من خلال ضمان إمدادات الهيدروكربونات وبعض الأسمدة التي تتطلبها أعمالنا الزراعية، وقد بلغت التجارة البرازيلية العربية 24 مليار دولار العام الماضي وتنمو عاماً بعد عام نحو علاقة أكثر توازناً بين الجانبين. وأشار الشحفي "إلى أنّ السلع ذات القيمة المضافة العالية تتزايد بشكل هام على صعيد التجارة، حيث استفادت من تنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة مثل اتفاقية ميركوسور مع مصر، ومن هنا فإنّ المزيد من الاتفاقات من هذا النوع ضروري، وفي هذا المنتدى، يمكننا النظر في كيفية التغلب على العقبات التي تعيق المناقشات نحو الدخول في اتفاقيات تجارة حرة جديدة بين البرازيل والدول العربية".

بدوره أكد رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، النائب الأول لرئيس الغرفة العربية البرازيلية سمير عبدالله ناس، على "أهمية إنشاء ممر ملاحي مباشر بين البرازيل والدول العربية بما يسهم في توسيع آفاق الشراكة الاستراتيجية وتنويع تنمية حجم التبادلات التجارية بين الجانبين، بالإضافة إلى دوره في تحفيز ودعم الموردين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنظام نقل مباشر يرتقي بالعلاقة التجارية العربية البرازيلية إلى آفاق أرحب على كافة المستويات".

وقال إنّ الظروف والتحديات الاقتصادية التي مر بها العالم خلال السنتين الماضيتين في المجالات الصحية وتأثر سلاسل الإمداد وزيادة معدلات التضخم الاقتصادي وتأثيرات التغير المناخي تدفع بنا لتحويل التحديات إلى فرص، عبر بناء منظومة اقتصادية متوائمة مع التطورات العصرية، منوهاً إلى أهمية الاقتصاد الرقمي بما يمثله من لغة المستقبل الاقتصادية، مشيداً في الوقت ذاته بالتقدم الكبير في العلاقات التجارية بين الدول العربية والبرازيل عبر القطاعات الواعدة التي يمكننا استثمارها رغم جميع التحديات.

وأكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، على أهميةَ تعزيز التعاون العربي البرازيلي، داعيا المستثمرين البرازيليين للاستثمار في المنطقة العربية والاستفادة من الفرص التي تتيحها والمزايا التي تقدمها منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.

وأشار زكي في كلمته إلى أهمية المواضيع التي يناقُشها المنتدى، خاصةً تطورات الوضع الاقتصادي العالمي واستقراء مستقبله، وسُبل تعزيز العلاقات العربية البرازيلية، منوهًا بالزيادة الملحوظة التي شهدَها التبادلُ الاقتصادي بين الجانبين العام الماضي؛ حيث تجاوز 24 مليار دولار. وأوضح أنَّ العلاقاتِ العربيةَ البرازيليةَ تشملُ إضافة إلى الشق الاقتصادي ملفات التعاون السياسي والتعاون العربي الأمريكي الجنوبي، مشيدًا بالجهود التي تبذُلها الغرفة التجارية العربية البرازيلية لتوطيد العلاقات بين البرازيل والعالم العربي.

وفي كلمة افتراضية أشاد وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي، بدور البرازيل الاقتصادي والتنموي، وجهودها لاستكمال إجراءات المصادقة على اتفاقية الميركسور ودخولها حيز النفاذ، معربا عن تقديره لجهود الغرفة التجارية العربية والبرازيلية المميزة لديمومة إطلاق أعمال المنتدى. وشدد على أن التحولات الراهنة تستدعي خلق فرص عمل جديدة، من أجل دعم الاستدامة، ومن ضمنها العمل على إدراج منتجات ذات قيمة مضافة ومستويات تكنولوجية أعلى ودعم الخدمات اللوجستية. وأشار إلى أوجه البرنامج الإصلاحي الذي تنفذه الحكومة الفلسطينية على صعيد تحديث وتطوير البيئة التشريعية الناظمة للاقتصاد الوطني وتطوير بيئة الأعمال والاستثمار. واستعرض العسيلي فرص الاستثمار المتاحة في فلسطين ومجالات التعاون في مختلف القطاعات الانتاجية، خاصة الصناعة البلاستيكية والملابس والأنسجة، والمفروشات، والصناعة التراثية الحرفية، وتجارب النجاح للشركات الفلسطينية وزيارتها.

كذلك شهدت الجلسة الافتتاحية كلمات افتراضية لعدد من الوزراء العرب والبرازيليين، وهم: كارلوس فرانسا – وزير العلاقات الخارجية البرازيلي، رياض مزور – وزير الصناعة والتجارة في المملكة المغربية، يوسف محمود الشمالي – وزير الصناعة والتجارة والتموين للمملكة الأردنية الهاشمية، ماركوس مونتيس – وزير الزراعة في جمهورية البرازيل الإتحادية، مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري – وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الامارات العربية المتحدة، إضافة إلى نيفين جامع – وزيرة الصناعة والتجارة لجمهورية مصر العربية.

وعقدت في إطار جلسات العمل، جلسة نقاش خاصة بالغرف العربية، أدارها أمين عام غرفة التجارة العربية النمساوية مضر خوجة، وتحدّث فيها كل من: سعادة العين نائل الكباريتي رئيس مجلس إدارة غرفة الأردن، وسعادة سمير عبد الله ناس النائب الأول لرئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين، وسعادة رضا بن جمعة آل صالح رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان، وأمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خال حنفي.

ونوّه الدكتور خالد حنفي، خلال كلمة له على أنّه لم يتم بعد استكشاف إمكانات العالم العربي ودور البرازيل في أمريكا الجنوبية بشكل كامل فيما يتعلق بتطوير العلاقات بين البرازيل والدول العربية، مؤكّدا أنّ العلاقات العربية البرازيلية يجب أن تتجاوز الإطار التقليدي القائم على حجم التبادل التجاري، معتبرا أنّه على الرغم من أهمية الأرقام، لكن يجب أن نخرج من هذا الإطار التقليدي، حيث من الناحية الكمية، تعتبر الصادرات البرازيلية والعربية مجرد تجارة تقليدية، ولأجل ذلك يجب أن نعمل على تعديل العلاقات التجارية وتحويلها إلى علاقات تجارية تستهدف سوق بعضنا البعض من أجل شراكة استراتيجية.

ورأى حنفي أنّ "هناك مجالاً لتوسيع وزيادة الصادرات البرازيلية العربية، الأمر الذي يؤكّد الحاجة إلى ممر ملاحي مباشر يربط بين تلك الأجزاء من العالم"، لافتا إلى أنّ "اتحاد الغرف العربية بالتعاون مع شركائه في البرازيل ولا سيّما الغرفة العربية – البرازيلية، لن يتوقفا عن العمل على بناء علاقات شراكة استراتيجية بين العرب والبرازيليين".

وقال: "الصادرات من البرازيل إلى الدول العربية تنحصر تاريخياً بموضوع الغذاء، ولكن بالنظر إلى الإمكانات الموجودة هناك مجال كبير لتنمية التجارة وتنويعها".

واعتبر أنّ "وجود ممر ملاحي مباشر بين البرازيل والدول العربية أمر بالغ الأهمية لتوسيع الأعمال التجارية، حيث أنّ هذا المسار سيربط موانئ مختلفة، بما في ذلك واحد في طنجة بالمغرب وآخر في موقع قد يكون في الخليج".

وختم: "يعتبر ممر الشحن المباشر مشروع لوجستي رئيسي لجامعة الدول العربية واتحاد الغرف العربية وغرفة التجارة العربية البرازيلية، ونحن على وشك اتخاذ قرار استراتيجي بشأن الموانئ في هذا المسار القادم، والتي ستشمل محطات توقف في المغرب والخليج. من هنا يجب أن نعمل للوصول إلى تلك الأسواق، ولا يمكننا مطلقًا الاكتفاء ببساطة بالصادرات والواردات كما هي الآن، إذ لا بدّ من توسيع آفاقنا، ويمكن للشراكة الاستراتيجية أن تعزز العلاقات الاقتصادية بشكل كبير، وتضيف قيمة عبر قطاعات متعددة. حيث من خلال العمل معًا على هذا المشروع الحيوي، يمكننا دعم الموردين الصغار بنظام نقل مباشر سيكون مفيدًا للجميع".

أما رئيس غرفة تجارة الأردن نائل رجاء الكباريتي، فشدد على "أنّه من الضروري التفكير أكثر في مستقبل علاقة البرازيل مع العالم العربي خارج نطاق التجارة، حيث أنّ سبب هذا الاجتماع هو تعزيز هذه العلاقة وزيادة الفرص، وتعزيز دور رجال الأعمال، ومشاركتهم، ودور الحكومات"، معتبرا أنّ "العالم لم يعد كما هو، ونحن بحاجة لمواجهة هذا العالم المختلف إلى أن نكون شركاء وننتقل من علاقة الاستيراد والتصدير إلى بناء شراكة استراتيجية".

ونوّه رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان، رضا بن جمعة آل صالح، إلى أنّ "العلاقات البرازيلية العربية سليمة وقد أحرزت تقدمًا في السنوات الأخيرة على الرغم من التحديات، ولكن أعتقد أنه لا يزال لدينا فرص لزيادة هذه الأرقام".

وأشار إلى "أن هناك 16 شركة برازيلية تعمل في سلطنة عمان حيث هناك فرص واعدة في السلطنة، في ظل رؤية واعدة لعام 2040 قائمة على الاقتصاد المتجدد والنظيف كركائز أساسية، كما أنّ هناك مشاريع استراتيجية في مجال اللوجستيات والأمن الغذائي، ومن هنا ندعو المستثمرين البرازيليين ليكونوا جزءا فعّالا في هذه المشاريع الاستثمارية الضخمة".

وأشار رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير عبد الله ناس "إلى وجود إمكانيات متفائلة لنمو العلاقات بين البرازيل والعالم العربي، إذ تعتبر البرازيل بلد مهم على صعيد التحالفات الناشئة الجديدة، حيث توجد العديد من الفرص الرئيسية في قطاعات مثل التمويل والسيارات، وهذه قطاعات واعدة لتعزيز العلاقات بشكل عام".

المصدر (اتحاد الغرف العربية)