استضاف مقر اتحاد الغرف العربية "مبنى عدنان القصّار للاقتصاد العربي"، فعاليات المؤتمر العلمي الخامس عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، بعنوان "التنمية العربية بين التحديات الراهنة وآفاق الثورة الصناعية الرابعة"، والذي تمّ تنظيمه من قبل الجمعية بالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط واتحاد الغرف العربية، واستمر على مدى يومي 13 و14 كانون الأول (ديسمبر) 2019، بمشاركة نخبة من الاقتصاديين والمثقفين العرب البارزين من مختلف الأقطار العربية.
وتحدّث في افتتاح أعمال المؤتمر، أمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي، الذي نوّه بانعقاد المؤتمر في مقر الاتحاد في بيروت، معتبرا أنّ "الإصرار على انعقاد المؤتمر في لبنان ووجود هذه النخبة من الأكاديميين والاقتصاديين من العديد من البلدان العربية، يمثّل رسالة دعم قوية إلى لبنان واللبنانيين من قبل إخوانهم وأشقائهم، خصوصا في ظل هذه الظروف والتحديات التي يمرّ بها لبنان". وقال: "يحتاج الوطن العربي في ظل التحديات التي يعانيها إلى جهود كافة الأطراف من حكومات ورجال أعمال ومستثمرين وأكاديميين، من أجل النهوض باقتصادات بلداننا العربية"، معتبرا أنّه "لا مجال لتحقيق الآمال والتطلعات والطموحات من دون التخطيط والعلم والمعرفة، ومن هذا المنطلق كان الحرص على عقد هذا المؤتمر، الذي يضمّ أهل العلم والاختصاص والقطاع الخاص، من أجل بلورة الأفكار والرؤى التي من شأنها أن تساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبالتالي الحد من واقع البطالة والفقر في عالمنا العربي".
ولفت حنفي إلى "اهميّة الدور الذي يلعبه اتحاد الغرف العربية بصفته الممثل الحقيقي للقطاع الخاص العربي"، معتبرا أنّ "القطاع الخاص العربي يساهم بنسبة 75 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي العربي، كما يساهم في خلق حوالي 75 في المئة تقريبا من فرص العمل"، مؤكّدا أنّ "الاتحاد منذ نشأته نادى بالعمل العربي المشترك، وكانت له جهود حثيثة في ضرورة وجود الاتحاد الجمركي والسوق العربي المشتركة، ولا يزال لغاية اليوم يتبنى هذه الرؤى، ومواكبة تحديات الثورة الصناعية الرابعة والثورة الرقمية الثانية، وضرورة تعزيز سبل التكامل الاقتصادي العربي، وتسهيل إطلاق الشراكات الاستثمارية والأعمال الذكية".
ونوّه إلى أنّ "اتحاد الغرف العربية من خلال وجود 16 غرفة عربية أجنبية مشتركة، يمثّل صلة الوصل بين البلدان العربية والأجنبية"، كاشفا عن أنّ الاتحاد بالتعاضد مع الغرفة العربية – البرازيلية، يعملان على إنجاز مشروع لوجستي ضخم لربط العالم العربي بدول أميركا الجنوبية، يهدف إلى تعزيز سلاسل الإمداد بين الجانبين.
الحمش
من جانبه أشار رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، الدكتور منير الحمش، إلى "أهمية انعقاد المؤتمر في مدينة بيروت التي تحتل مكانا بارزا في ذاكرة الجمعية، ففيها انطلقت أعمالا هامّة لأنشطتها، وفيها تجد الجمعية ملاذا آمنا لإطلاق نشاطاتها خاصة عندما نجد بعض المعوقات في بعض الأقطار العربية في ما يتعلّق بإجراءات السفر والانتقال".
وقال: "بعد أن تمّ وضع الترتيبات منذ ثلاثة أشهر لانعقاد المؤتمر، كان هناك من ينصح بأن نبحث عن مكان آخر بسبب ما يجري في شوارع وساحات لبنان، ولكن مجلس الإدارة صمم على المضي في ترتيبات انعقاد المؤتمر في بيروت"، كرسالة دعم ومحبة إلى لبنان وشعب لبنان الشقيق.
وأشار الحمش إلى أنّه "منذ حوالي مائة عام أطلق أمير البيان شكيب أرسلان من هنا من بيروت سؤاله التاريخي: لماذا تأخّر العرب والمسلمون ولماذا تقدّم غيرهم؟ وقد وجد الأمير أرسلان في حينه أنّ أسباب التأخّر، تكمن في الجهل، والعلم الناقص، وفساد الأخلاق، والجبن، والتخلّي عن الثقافة. نعم هذا صحيح، ولكن حتّى لو أمكن إزالة تلك الأسباب، فإنّ التخلّف سيظل جاثما على صدورنا لأسباب ذاتية وأخرى خارجية، ولعلّ الشعارات التي يرفعها المحتجون في شوارع لبنان والعراق مؤخّرا تجيب على ذلك، من هنا فإنّ العوامل الداخلية والخارجية تتعاونان ولا يمكن الفصل بينهما في أي بحث جدّي عن التخلّف والتقدّم".
وختم: "على وقع أحداث الشوارع والساحات العربية منذ 2011، لم يعد بالإمكان إنكار بعض الوقائع، إذ أنّ هذه الأحداث تعبّر دون مواربة عن خيبة أمل الناس بحكامهم وبنظامهم الاقتصادي والاجتماعي، الذي أهمل عن قصد حاجات الناس وتطلعاتهم في الحياة الحرة الكريمة. ولكن هذه الحقيقة يجب ألا تجعلنا نتجاهل الحقيق الأعظم، وهي مطامع الدول الصناعية الغنية في الاستيلاء على ثروات البلاد العربية وخاصة النفط والغاز، وذلك في ظل غياب المشروع الوطني التقدّمي".
مال الله
وألقى أمين عام الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، الدكتور أشرف العربي، كلمة نيابة عن مدير عام المعهد العربي للتخطيط الدكتور بدر عثمان مال الله، حيث قدّم نبذة عن المعهد (مقرّه الكويت)، لافتا إلى أنّ المعهد يقوم بدور بارز يهدف إلى دعم جهود وإدارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، من خلال أنشطته ومهامه التي تشمل بناء وتطوير القدرات الوطنية البشرية، وتقديم الخدمات الاستشارية والدعم المؤسسي، وإعداد البحوث والدراسات العامة والمتخصصة، والندوات والمؤتمرات والأنشطة الثقافية والتوعية التنموية، وإصدار التقارير المتخصصة والنشرات والكتب المتخصصة في قضايا التنمية، والتي تستهدف جميعها الإسهام في تحسين الأداء الإنمائي، الاقتصادي والاجتماعي، في الدول العربية.
العربي
وكانت كلمة لمنسّق عام المؤتمر، أمين عام الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، الدكتور أشرف العربي، قدّم فيها نبذة عن أعمال المؤتمر وجلساته، مشددا على أنّ "هناك ارتباط وثيق بين التعليم والتدريب والبحث العلمي والثورة الصناعية الرابعة"، مشيرا إلى أنّه "هناك ضرورة لإجراء تحليل دقيق للفكر التنموي واختيار ما يناسب المجتمعات العربية ليتم وضعها في خطط التنمية بما يتوافق مع المجتمع"، لافتا إلى "وجود ضرورة بالتركيز على دور التعليم الفني الذي يمكن أن يساعد في توفير العمالة المدربة والمؤهلة لاستخدام التكنولوجيا في الصناعة".
وقال: " في الوقت الذي يعيش العالم مرتكزات الثورة الصناعية الرابعة، فإنّه يجب الإشارة إلى أنّ نصيب العرب من الثورات الصناعية الثلاث السابقة وعوائدها، لم يكن متناسباً مع مقومات وإمكانات كامنة لديهم".
وأكّد أنّ "الثورة الصناعية الرابعة تمثل نقلة كبرى في انطلاق الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المعلومات وما يرتبط بها من ابتكارات ومنتجات بدّلت حياة الناس والإنتاج بما لم تسبقها إليه أيٌّ من الثورات الصناعية السابقة"، لافتا إلى "اهميّة الاستفادة من صغر أعمار المجتمعات العربية، وغلبة الشباب في التركيبة السكانية، والارتقاء برأس المال البشري من خلال التعليم والرعاية الصحية للجميع. فمن الحتمي في يومنا هذا توجيه الإنفاق إلى التدريب على المهارات والإلمام بالمعارف المتطورة من خلال نظم التعلم المستمر. إذ لا جدوى من نظم تعليم لا تُعِدّ الشباب بمعارف متقدمة في رباعي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات".