نيسان (ابريل) 2022

  • 1 - 30 أبريل 2022

التمكين الاقتصادي للشباب العربي

 

نعيش في عالم متسارع ومتغيّر، وأزمات سياسية واقتصادية تبدأ من عالمنا العربي ولا تنتهي عند حدود القارات الخمس المتعارف عليها بين شعوب العالم. وبنتيجة هذه الأزمات هناك أرق يصيب كافة حكومات العالم من أجل مواجهة أزمة البطالة في صفوف الشباب. وفي حين تتفاوت طرق وسبل المعالجة بين دولة وأخر، إلا أنّه في عالمنا العربي ما تزال وسائل دعم الشباب محدودة إذا ما استثنينا إلى حد كبير الدول العربية النفطية ذات الفوائض المالية المرتفعة.

ولأنه لا يمكن اغفال دور الشباب في النهوض بالمجتمع والمشاركة الفاعلة في مختلف حقول المعرفة والإنتاج والإبداع، فإنّ اتحاد الغرف العربية بالتعاون مع شركائه الدوليين وفي مقدّمهم منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية – يونيدو، يواكب تطلعات وآمال وطموح الشباب العربي، من خلال دعمه لرواد الأعمال عبر مسابقة "رالي العرب" التي عقدت نسختها الثانية ضمن فعاليات المؤتمر الدولي لريادة الأعمال والاستثمار تزامنا مع الأسبوع الأخير من فعاليات "اكسبو دبي 2020"، وذلك ضمن رؤى الاتحاد التي تهدف إلى بناء جسور المعرفة والتواصل والتشبيك على المستويات المحلية والاقليمية والدولية.

 إنّ للشباب دور مهم في خطط الإصلاح وعمليات التطوير التي تحتاج منهجية واضحة في التفكير، ولكن التطوير يحتاج الى رؤية واضحة منفتحة على العالم تكون في تواصل وتفاعل مع الرؤى التنويرية الأُخرى. كما أننا بحاجة إلى ترسيخ ثقافة العمل وتأكيد دور الذهنية الإيجابية المسؤولة في التعاطي مع تحديات الواقع.

وفي سياق الحديث عن تمكين الشباب، فإنّه لا بدّ من الانتقال من ثقافة الاستهلاك الى الإنتاج واعادة التكامل بين العمل والثروة والتركيز على السياسات لا السياسة، وفي هذا المجال فإنّ مشاركة الشباب في جهود التنمية الاقتصادية عامل أساسي في نجاح هذا المسعى، باعتبار أن التمكين الاقتصادي يعزز مشاركة الشباب في عملية صنع القرار. لكن هذا يتطلّب القوانين والتشريعات المحفزة في كل بلد عربي على حدة على ان تكون متكاملة ومترابطة من الناحية الاجتماعية في اطار استراتيجيات دمج الشباب في اصل الاقتصاد بشكل مباشر، والاهتمام بإيجاد فرص العمل للشباب، وإنشاء منابر للاستماع للشباب، وضمان التمويل الكافي من اجل التمكين الاقتصادي للشباب. هذا إلى جانب زيادة عدد الشباب الذين يكسبون دخلاً من البرامج والتوظيف والبرامج الخاصة والتوظيف الذاتي والتمكين، وزيادة التنوع في امتلاك الشباب لشركات في قطاعات الاقتصاد بهدف زيادة فرص العمل، ودعم ثقافة ريادة الأعمال والقدرات الادارية التجارية والمواهب الفنية للشباب، وارتفاع الادخار والاستثمار بين الشباب وتشجيعهم على انشاء المؤسسات التعاونية، وتسليط الضوء على الشركات التي يملكها الشباب، وازالة الحواجز التي تمنعهم من بدء اعمالهم الخاصة وتنميتها، وتسهيل الوصول الى الأسواق والتمويل والدعم غير المالي للشركات الشبابية.

في الواقع إنّ الاستراتيجيات الرئيسية واهداف سياسة التمكين الاقتصادي للشباب لا يمكن فصلها عن السياسات المخصصة لقطاعات المجتمع وبحيث يكون التمكين متسقاً مع الأهداف العامة لسياسات العدل الاجتماعي ومنسجماً مع المواثيق الضامنة للصالح العامة ومحققاً للكرامة الانسانية. وفي ضوء انتشار ظواهر التطرف والاغتراب والتهميش، لا بد من تشجيع انخراط الشباب في المجتمع بدلاً من الانعزالية واتاحة فرص المشاركة في صنع القرار في النشاطات الإنسانية. ومن ها لا بدّ على الدول العربية استعمال الموارد من أجل تعزيز مشاركة الطاقات الشبابية المبدعة في بناء المستقبل.

في المحصّلة إنّ مشكلات البطالة المتفاقمة في الوطن العربي تفرض تحدياً يحتاج الى تخطيط سريع ومسبق لمواجهة تداعياته المقبلة، من هنا لا بد من بناء قواعد اجتماعية وتعليمية وتأهيلية لمشاركة الشباب ورعاية المبدعين وتدريب القوى العاملة والمرشحة لسوق العمل، وتمكين الشباب العربي من خلال ثقافة التغيير الايجابي في نمط التفكير والتعامل مع المستجدات العالمية مع الحفاظ على الاصول الاجتماعية والثقافية ضماناً للهوية الجامعة وفاعليتها في ثقافة الإنتاج والمواطنة.