يوليو (تموز) & أغسطس (آب) 2021

  • 1 يوليو - 31 أغسطس 2021

استراتيجية الاستثمار في العنصري البشري العربي

 

أطلقت العديد من البلدان العربية، ولا سيّما دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، رؤى وبرامج تنموية من شأنها تعزيز تنافسية القدرات البشرية للمواطن على المستويين المحلي والعالمي، والرفع من استعداده لبيئة سوق العمل خلال الفترة الراهنة ومستقبلا، والاعتماد في سبيل تحقيق ذلك الأمر على تعزيز القيم لديه، وتطوير مهاراته الأساسية والمستقبلية على حد سواء، إضافة إلى تنمية قدراته المعرفية.

لا شك أن الاستثمار في العقول أو التنمية البشرية، يُعدّ جزءاً مهماً من الاستراتيجيات، خاصة أن مقياس تقدّم الدول وتطوّرها بات يعتمد على ما تمتلكه من عنصر بشري مؤهّل ومدرّب إلى جانب الثروات الطبيعية. وعلى هذا الصعيد فإنّ البلدان العربية قاطبة عليها مسؤولية كبيرة عبر الاستثمار في العنصر البشري، حيث أنّ الاستثمار في البشر، بمثابة الاستثمار الاستراتيجي الذي لا يضاهيه استثمار آخر من حيث الأهمية، ذلك أن عوائده لا تقاس بالأرقام فحسب، بل إنها تتدخل في كل جزء من أجزاء أوطاننا العربية والاقتصاد، فتخدم الأهداف الاستراتيجية على مستوى رفع كفاءة الإنتاج والتوظيف، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتطوير قدرات الوطن، وتخفيض الهدر في الموارد، وغيرها من العوائد التي لا تستطيع لغة الأرقام قياسها وحصرها. كما أنه من جانب آخر، تعد زيادة التركيز والإنفاق وبذل مزيد من الجهود على مستوى بناء وتطوير قدرات الإنسان السعودي نافذة مشرعة الأبواب نحو إيجاد أجيال مستقبلية من الأفراد ذكورا وإناثا، تتوافر لديها الأهلية اللازمة علميا وعمليا لتحمل مسؤولية إدارة مقدرات الوطن واقتصاده، وفرض وجوده المستحق والمتميز بين مصاف جميع دول العالم المعاصر، وذلك أمر له من الأهمية الاستراتيجية طويلة الأجل التي لا مجال لأي مجتمع كان أن يتأخر عنها.

ولا شكّ أنّ رحلة تنمية القدرات البشرية والاستثمار في العنصر البشري العربي والذي يعدّ عنصرا ذكيّا ومتفوقا، تبدأ من مرحلة الطفولة، مرورا بالجامعات والكليات والمعاهد التقنية والمهنية، وصولا إلى سوق العمل، بهدف إعداد مواطن طموح وتدريبه وتأهيله ليمتلك المهارات والمعرفة، ويواكب المتغيرات المتجددة لسوق العمل؛ ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وفي بناء اقتصاد متين قائم على المهارات والمعرفة وأساسه رأس المال البشري، حيث أصبح فيه الاستثمار في العنصر البشري أحد أهم متطلبات التقدم والرخاء الذي تسعى إليه الدول، على اعتبار أنّ التقدّم العلمي يتطلب تأهيل العاملين وتدريبهم، وهذا هو الاستثمار الحقيقي.

من هنا فإنّه عندما نزرع بذرة لثمرة ما في تربة خصبة ضمن مناخ ملائم، نحصل على محصول وإنتاج كبير ونوعية جيّدة من الثمار، كذلك هو الحال بالنسبة للإنسان الذي يمثّل العامل الأساسي في بناء الحضارة.

وقوة أي دولة تتركز على بناء عقول مواطنيها، فبناء الإنسان يأتي قبل بناء العمران، لذلك يُعدّ التعليم من أهم أدوات تطوّر المجتمعات والنهوض بها، لهذا فإن بناء الإنسان وعقله وقدراته أصبح مطلب أي مجتمع يطمح إلى النهوض والتطوّر.

لهذا نؤكّد على أهمية الاستثمار في تنمية الإنسان، وفي تعزيز الموارد البشرية، من خلال التركيز القوي على التعليم لكل من الفتيات والفتيان والنساء والرجال، بما يساهم في إحراز تقدم على صعيدي التنمية الاجتماعية والاقتصادية. 

في اعتقادي أن الاستثمار في الإنسان أساس أي تنمية اقتصادية، ومحور أي نهضة مجتمعية، وركيزة أي تطور ونماء. وقد شهدت الدول التي ركزت على بناء الإنسان والاستثمار فيه تطوراً سريعاً ليس على المستوى الاقتصادي فحسب، بل أيضاً على مستوى تطور الوعي الوطني وعقليات أفراد المجتمع وتعاطيهم مع مختلف تحديات الحياة، فكانت الامتيازات والنجاحات الاقتصادية التي حققتها هذه المجتمعات نتيجة طبيعية لبناء الإنسان وتكوينه ليكون أساساً للنهضة الجديدة ومحركاً لها.

 

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن