نيسان (أبريل) 2021

  • 1 - 30 أبريل 2021

اقتصاد تنافسي معرفي قائم على التكنولوجيا والابتكار؟!

 

أفرزت جائحة كورونا مجموعة من التغيرات الهائلة في حياة المجتمعات الإنسانية، إذ من أهم التغيرات التي تعرّض وسيتعرض لها الإنسان هو تأثير الأحوال الاقتصادية في السلوك الإنساني، حيث أثّر الركود الاقتصادي العالمي، في سلوك المستهلك وفي مجمل المتغيرات الاقتصادية، وبرز ذلك بوضوح في الأسواق، حيث عرّض الركود كثيرا من الشركات للخسائر، ما اضطرّ العديد منها إلى الخروج من السوق، وهو ما أدى إلى ارتفاع هائل في معدلات البطالة بشكل مقلق.

وقضية ارتفاع معدلات البطالة من العناوين التي تقلق علماء الاقتصاد كثيرا، لأن نتائجها لا تؤثر سلبا في مجمل النشاط الاقتصادي، وإنما لها نتائج سلبية على الأمن الوطني وعلى شؤون المجتمع ككل.

وإزاء تعرض الاقتصاد العالمي للركود، فإن واجب الدول العظمى قبل الدول الصغرى أن تتحرك، وأن تجلس على موائد الحوار، وتتخذ مجموعة من التدابير كي تعيد النشاط إلى عجلة الاقتصاد في محاولة إلى إعادة التوازنات في مجمل الاقتصاد العالمي، وكلما سارعت الدول إلى اتخاذ إجراءات محفزة للنشاط الاقتصادي، فإنها تسهم في علاج جائحة الركود حتى لا تصل إلى الكساد.

والمتابع للسوق الآن يلاحظ بوضوح التحول الملحوظ الذي حدث في سلوك المستهلك، حيث دخلت أعداد كبيرة جدا من المستهلكين إلى الأسواق الرقمية، حيث تعبّر مؤشرات التجارة الإلكترونية عن أن سوق التجارة الإلكترونية أثناء جائحة كورونا حققت أرقاما مذهلة وغير مسبوقة، كما وتسجل شركات الأدوية، والرعاية الصحية، والمطاعم، وشركات التغذية أعلى المعدلات في مبيعاتها، وأضحت تطبيقات هذه الشركات متداولة بين كل شرائح المجتمع، ومن المرتقب أن يزداد بعد جائحة كورونا عدد زوار الأسواق الرقمية.

لذلك نستطيع القول، إن فيروس كورونا غيّر في عادات وتقاليد البيع والشراء، وكان سببا من أهم الأسباب التي أدت إلى هذا الانتشار الكبير في الأسواق الرقمية بعد أن أقفلت أمامه سبل الأسواق التقليدية بسبب جائحة كورونا!

والحقيقة أنه منذ بدء انتشار فيروس كورونا، فإن عادات الشراء قد تغيرت لدى المستهلكين، فتحولوا إلى مشترين على درجة كبيرة من الوعي والرشد، أي يقبلون على شراء السلع المتعلقة بالصحة، والتغذية الصحيحة، والابتعاد عن شراء كل ما يضر الصحة مثل المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وعموما نستطيع القول إن المستهلك أصبح رشيدا ويهتم كثيرا بشراء السلع الأساسية والمهمة دون الانزلاق وراء شراء السلع الكمالية أو السلع الضارة بالصحة، وستشهد الأسواق بعد جائحة كورونا انخفاضا ملحوظا في هيكل الأسعار، وسيلمس المواطن العادي أن كثيرا من السلع والخدمات تسجل انخفاضا في الأسعار.

وفي ضوء ذلك فإن سلوك المستهلك العربي مثله مثل أي مستهلك آخر في أي دولة من الدول سيتغير، وسيتجه إلى خفض مصاريفه في محاولة إلى رفع معدلات الادخار أكثر من الاستثمار حتى تنجلي هذه الغمة، وتبدأ السوق في إرسال مؤشرات مطمئنة تعيد الناس إلى الأسواق، فيعود الرخاء وينعم الإنسان بحياة كريمة ومستقرة.

باختصار إنّ العالم الرقمي أصبح مجموعة معارف في علوم الاقتصاد، والسياسة، والإدارة، والطب، والهندسة، بل أصبح هو مفتاح الدخول والوصول إلى المعرفة الإنسانية في جميع مجالات الحياة، وقد بدأ العصر الاصطناعي يشدد قبضته على شؤون الحياة بكل التفاصيل التي نعيشها، وأصبحت التطبيقات الرقمية وسيلة من أهم وسائل التعامل في كل مجالات الحياة. وبما أنّ النظام الرقمي وصل إلى هذا المستوى من الأهمية لدى دول العالم، وكل شعوب العالم، ولدى كل الأفراد، فإن الأمن الرقمي أصبح أمنا قوميا واجب الحماية، وواجب الاهتمام به وحمايته من التطاول أو الإيذاء.

 

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن