ايار وحزيران (مايو ويونيو) 2019

  • 1 مايو - 30 يونيو 2019

البلدان العربية والتنمية المستدامة:

ماذا تحقق ؟!

انتصف العام 2019 ومع نهايته يكون العالم ومن ضمنه البلدان العربية دخل في العقد الثاني من الألفية الثانية، وبذلك يكون المسار الذي وضعته الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، يسير بخطى   متسارعة حيث تسعى كافة دول العالم إلى تنفيذ الأهداف المرسومة في هذه الخطّة في الموعد المحدد.

ويبقى هنا السؤال الأهم، ماذا حققت الدول العربية على هذا الصعيد لغاية اليوم؟ وهل بإمكان الدول العربية في ظل الأوضاع والظروف التي تمر بها أن تنفذّ تلك الأهداف؟

باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي، كان التقدم المحرز متواضعًا في بعض الدول العربية ومتراجعًا أو سلبيًا في الدول العربية الأخرى، فالدول التي واجهت تحولات سياسية وانتفاضات في الأعوام الأخيرة شهدت انكماشًا اقتصاديًا، في حين واجهت الدول التي ما زالت تعاني صراعات وحروبًا ضربة قاسية في التقدم المحرز لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.

هناك تحديات سياسية وأمنية في المنطقة العربية، أمام تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث أكد تقرير لـ (إسكوا) أن النزاعات المسلحة والصراعات التي تعيشها دول مثل سورية والعراق واليمن وليبيا، وظاهرتي التطرف والإرهاب اللتين أصبحتا تهددان المجتمعات العربية، تؤثر سلبًا على مكتسباتها التنموية، كما أن زيادة موجة المهجرين قسريًا واللاجئين والنازحين التي تنتج عن هذه الاضطرابات، فاقمت من الضغوط ليس على الدول المعنية والمجاورة بل كذلك على عدد من دول العالم.

إنّ الإشكالية الاقتصادية تبقى سببًا في ما تشهده دولنا اليوم، من استمرار التأزم الاقتصادي والاجتماعي الذي يظهر أساسًا في الفقر والأمية والتخلف وانكشاف الأمن الغذائي وارتفاع في نسب البطالة، خاصة في صفوف الشباب، وزيادة في نسبة الاقتصاد غير الرسمي، ومع تراجع في الأداء الإداري للحكومات ممثلًا بكبر حجم القطاع العام، وتراجع التنافسية والإنتاجية، وزيادة الهشاشة في البنى الإنتاجية، وضعف الترابط والتبادل الاقتصادي العربي، وخاصة في المجالين الاستثماري والتجاري وعدم كفاءة إدارة الموارد البشرية والطبيعية والمالية، وتراجعًا في البيئة، وعجزًا مزمنًا في المياه.

أي مستقبل ينتظر الدول العربية؟ تمرّ المنطقة العربية بأزمة تجعل من السهل الاستسلام للتشاؤم بشأن مستقبلها. إن الدول العربية التي مرت بثورات خلال السنوات الماضية، يشعر مواطنوها بالإحباط وخيبة الأمل من أن الرخاء والأحلام التي كانوا يأملونها لم تتحقق.

قد يكمن الحل للأزمات العربية في العمل على تحقيق الأهداف التنمية المستدامة. كما تروج له منظمات الأمم المتحدة. فأهداف التنمية المستدامة 2030 كما شرحتها (إسكوا) تستشرف الزمن الذي يشهد انتهاء الاستبداد والاحتلال والهيمنة الأجنبية وجميع أشكال التمييز، وتصوِّب نحو تحقيق تنمية بشرية وازدهار اقتصادي ينعم في ظلهما المواطنون بحرية التعبير عن آرائهم وممارسة معتقداتهم من دون خوف، وتطبق سيادة القانون على الجميع بالتساوي، ويكون الحصول على المتطلبات الأساسية لحياة كريمة ميسورًا حتى للفئات الأقل حظًا. حيث تنطوي الرؤية لعام 2030 على خيارات لإرساء الأسس التي تُبنى عليها المجتمعات الشاملة للجميع تجنبًا للانزلاق في دوامة من تعميق العنف وانعدام الاستقرار والكساد، تقوض التنمية لأجيال مقبلة. والرؤية التي تقدمها هذه 2030، تقضي بتحسين مقومات الحكم والنهوض بالعدالة الاجتماعية والرفاه وإجراء التحول اللازم في الاقتصادات وتمتين التكامل الإقليمي.

وبما أنه لا توجد أجندة للتنمية تناسب الجميع، فإن كل دولة عربية تحتاج إلى وضع خطة عمل إنمائية خاصة بها، طبقًا لظروفها المحلية ومستوى التنمية فيها. ويجب أن تكون خطط التنمية الوطنية متوافقة مع الرؤية التحويلية لأهداف التنمية المستدامة والمقاصد المرتبطة بها، وأن تأخذ في الحسبان التداخل والتضافر بين القطاعات المترابطة، كقطاعات الغذاء والماء والطاقة التي تحتاج تشابكاتها المعقدة إلى تحقيق التوازن بين نواحيها المختلفة لضمان أمن توافرها.

في الختام، هناك شرط حاسم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول العربية، هو دعم الشراكات من أجل التنمية مع جميع الجهات المعنية. فالتعاون والالتزام بأهداف التنمية المستدامة، ومن ضمن ذلك حشد الموارد للاستثمار والمعونات التقنية لبناء القدرات، يمكن أن يلعب دورًا مهمًا جدًا لتعجيل التقدم نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن