شباط (فبراير) 2019

  • 1 - 28 فبراير 2019

العرب وإفريقيا..

 
آن أوان التكامل والتعاون



بعد تولّي جمهورية مصر العربية رئاسة الاتحاد الافريقي لمدة عام للمرة الأولى منذ إعلانه باسمه الجديد عام 2002، بعد أن كان يسمى "منظمة الوحدة الأفريقية"، فُتِحَ النقاش من جديد بشأن أهميّة تعزيز الاستثمارات العربية في "القارة السمراء"، والدور الذي يمكن أن تلعبه مصر برئاسة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على صعيد تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين.

بالتأكيد تستطيع مصر بما تمتلك من مقومات ودور سياسي فاعل على المستويين العربي والافريقي أن يكون لها دور فعّال على هذا الصعيد، وهذا ما أكّد عليه فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث أكّد خلال تسلّمه رئاسة الاتحاد إلى أنّ بلاده ستعمل جاهدة على تحقيق التقارب العربي – الافريقي على شتى المستويات ولا سيّما في ظل التحديات المشتركة التي تواجه البلدان العربية وبلدان القارة الافريقية التي تعتبر أرض الفرص الواعدة.

ومن هذا المنطلق وعلى اعتبار أنّ مصر تعدّ بوابة العبور العربية نحو افريقيا، فإنّه لا بدّ من دعم مصر والتعاون معها خلال رئاستها للاتحاد الافريقي من أجل النهوض بالقارة الافريقية التي تعدّ قارّة المستقبل وأرض الفرص الواعدة، ولا بدّ من تحويل تلك الفرص إلى ثروة حقيقية ليستفيد منها المواطن العربي والافريقي على السواء.

إذا في ظل التدافع العالمي والخطط التي تعد للسيطرة على أسواق إفريقيا الواعدة ومواردها الطبيعية المتنوعة، وأيضاً في ظل تواضع الاستثمارات العربية في القارة الإفريقية، تبدو أهمية إيلاء الاستثمارات العربية في إفريقيا مكانها اللائق بها في الوقت الحالي وفي المستقبل بما يحقق شراكة عربية - إفريقية ذات نفع متبادل، تساهم فيها الحكومات جنباً إلى جنب مع المؤسسات الخاصة.

فإذا كانت الدول الإفريقية بحاجة إلى تنمية اقتصاداتها فإن الدول العربية أيضاً بحاجة إلى مثل ذلك، خاصة في ظل الأولويات العربية من تحقيق الأمن الغذائي العربي، وتدعيم الصناعة العربية، وفتح أسواق جديدة للمنتجات العربية.

فالقارة السمراء لديها القدرة على تحقيق الأمن الغذائي العربي وسد الفجوة الغذائية العربية من خلال الاستثمارات التكاملية بين الدول العربية والدول الإفريقية في قطاعات الإنتاج الزراعي بما فيها توفير الموارد المائية الضرورية والبنية التحتية المصاحبة لهذا الإنتاج، حيث تستطيع الدول الإفريقية بفضل الاستثمارات العربية استغلال المزيد من المياه والأراضي الصالحة للزراعة غير المستعملة حالياً، الأمر الذي سيمكن الجانبين من رفع الإنتاج الزراعي لضمان الأمن الغذائي العربي والإفريقي بل التصدير لدول أخرى.

ويمكن للقارة السمراء بما تملكه من موارد طبيعية هائلة وقوى عاملة كبيرة توفير المواد الخام اللازمة للصناعات العربية الحالية والمستقبلية بأقل التكاليف، وفتح المجال للاستثمارات الإنتاجية في قطاعات النفط، والمعادن، والسياحة والنقل والاتصالات والكهرباء والتعليم والصحة وغيرها، مما يجعل من التنمية العربية في خدمة التنمية الإفريقية، ويفتح مجالاً لتوظيف الفائض المالي العربي في قطاعات ذات ربحية مناسبة، كما أن القارة السمراء بما تملكه من كثافة سكانية هائلة تعد سوقاً مستقبلياً واعداً ورائجاً للمنتجات العربية.

وأخيراً يبقى على عاتق المؤسسات الرسمية العربية، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، الدور الرئيسي في تحقيق الأمن النفسي والمادي للمستثمر العربي للتوجه باستثماراته نحو القارة السمراء، وذلك من خلال بيان ملامح وطريق الاستثمار العربي - الإفريقي ووضع الإرشادات اللازمة لذلك بتوفير المعلومات الضرورية للمستثمر العربي للاستثمار في إفريقيا، ووضع الآليات اللازمة لتخفيض المخاطر الناجمة عن الاستثمار، وتوفير التمويل اللازم للاستثمارات الخاصة العربية، ومشروعات البنية الأساسية الإفريقية الضرورية لإنجاح الاستثمارات العربية، فضلاً عن التنسيق والتعاون بين المستثمرين العرب لتفادي المنافسة فيما بينهم وتمكينهم من منافسة المستثمرين الآخرين في هذه الأسواق الواعدة بصورة تعاونية تكاملية.