كانون الأول (ديسمبر) 2018

  • 1 - 31 ديسمبر 2018

الثورة الصناعية الرابعة والتنمية المستدامة

في سبيل اقتصاد عربي أكثر احتوائية



مع بداية العام 2019 المقبل، وفي الشهر الأول منه سوف تُعقد في العاصمة اللبنانية بيروت القمة الاقتصادية: التنموية والاجتماعية الرابعة بحضور قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية. وسوف ينظّم اتحاد الغرف العربية على هامش القمّة في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) 2019، منتدى القطاع الخاص العربي تحت عنوان ""الثورة الصناعية الرابعة والتنمية المستدامة في سبيل اقتصاد عربي أكثر احتوائية". وفي ضوء هاتين المناسبتين الهامتين هناك أولويات قديمة وأخرى استجدت في الأعوام الخمسة الأخيرة منذ آخر قمّة اقتصادية عقدت في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، ينبغي التعامل معها بكثير من المنطق، لتكون عنوانا لتعاون عربي مشترك لما فيه نفع الشعوب العربية وتحقيق طموحات شبابها بخاصة، خصوصا في ظل التحديات الاقتصادية الجديدة التي رافقت العام 2018.


في الواقع إننا بصدد نظام دولي جديد يتشكل مدفوعاً بتغيرات في موازين القوى الاقتصادية العالمية والإقليمية، والتي تسارعت وتيرة تغيرها مع الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في عام 2008 وما سبقها ولحقها من أزمات في أسعار الغذاء والطاقة. وتعكس نزعات الحماية والنزاعات التجارية، وتصاعد دور التيارات الشعبوية اليمينية واليسارية في الشارع السياسي جزءا من تراجع للقوى الاقتصادية الغربية القديمة والجديدة، مفسحةً المجال للبازغين بقوة وثبات من شرق العالم بفضل ارتفاع إنتاجيتهم ونمو اقتصاداتهم وما حققوه من عمل على طريق التنمية الشاملة.


وإزاء هذا الواقع الجديد فإنه لا بدّ على قادة الدول العربية الذين سيجتمعون في بيروت وكذلك على الاقتصاد العربي بكل مكوناته وفاعلياته التحرك قدماً وبسرعة ليلبي احتياجات عموم الناس وتوقعاتهم. فالمجتمعات العربية تزداد شبابية في هرمها السكاني مع زيادة توقعات العمر عند الولادة في ذات الوقت، وهي أمور إيجابية إذا أُحسن الاستعداد لها بزيادة الاستثمار، وليس مجرد الإنفاق في التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية المعينة على الاستفادة من الاقتصاد الرقمي، فضلاً عن الاستثمار في مجالات الوقاية من المخاطر البيئية والأوبئة وتغيرات المناخ، والتحسب من احتمالات النزوح البشري، وكثرة اللاجئين والمهاجرين قسراً بسبب الصراعات أو الكوارث الطبيعية سواء في داخل الإقليم العربي أو محيطه.


وفي الواقع لا بدّ أن تلحظ قرارات القمة الاقتصادية التي سوف تصدر عن الزعماء العرب الآليات التي من شأنها التصدّي للمعوقات التي تواجه التكامل الاقتصادي العربي بمختلف مساراتها التجارية والاستثمارية والمالية.


وسيحاول منتدى القطاع الخاص العربي، الذي سوف يعقد على هامش القمة الاقتصادية تحت عنوان "الثورة الصناعية الرابعة والتنمية المستدامة في سبيل اقتصاد عربي أكثر احتوائية"، إصدار التوصيات والحلول الناجعة حيث تستوجب التغيرات العالمية المصاحبة لتغيرات التكنولوجيا، أن تشرع الاقتصادات العربية في تبنّي نهج جديد شامل نحو اقتصاد حديث يعتمد على مستحدثات الثورة الصناعية والاستثمار في التعليم والتدريب المتقدم يستفيد من التحول الرقمي في جميع قطاعات الإنتاج. ويستند هذا النهج إلى تمكين الشباب والمرأة وإتاحة فرص العمل والاستثمار وريادة الأعمال من خلال مؤسسات متخصصة وتمويل داعم. ويعتمد هذا النهج على محلية التنمية في المنافسة بين المدن والمحافظات في جذب الاستثمارات، وتوطين الصناعات والخدمات الأساسية والمتطورة، ورفع كفاءة الأصول المنتجة من خلال إجراءات المالية العامة ودفع التنافسية. ولا يغني ذلك عن منع نزيف خسائر الكيانات الاقتصادية، وضرورة استخدام الأصول المعطَّلة في زيادة الموارد وتحويلها إلى أصول منتجة أو أرصدة تموِّل التنمية لا أن تُترك بلا نفع أو في مهب الريح كلّما استجدت أزمة مالية جديدة.

محمد عبده سعيد

رئيس مجلس الإدارة

 

إحصل على اشتراك سنوي في مجلة العمران العربي

اشترك الآن