اذار (مارس) 2018

  • 1 - 31 مارس 2018

واقع الاقتصاد العربي في ضوء التحولات المتسارعة في المشهد العالمي؟!
استناداً إلى بيانات صندوق النقد الدولي ومنظمة العمل الدولية، بشأن سلامة الاقتصاد العربي عامي 2017 و2018، نما الاقتصاد العربي بنسبة 2 في المئة عام 2017، في حين من المتوقع أن ينمو بنسبة 3.1 في المئة خلال العام 2018 الحالي.
وإذا ما نظرنا إلى هاتين النسبتين فيتبيّن أنهما أقل من مثيلتيهما على المستوى العالمي حيث بلغتا 3.7 في المئة و3.9 في المئة على التوالي.
ويتفاوت النمو الاقتصادي (نمو الناتج المحلي الإجمالي) بين الاقتصادات العربية. فاقتصاد كل من مصر والأردن والمغرب والبحرين، نما بنسبة أعلى من معدل نمو الاقتصاد العربي ككل، وبقية الاقتصادات العربية نمت بنسب أقل. وبما أن متوسط نمو السكان العرب يزيد على 2 في المئة، فإن متوسط نصيب الفرد العربي من الدخل العربي (الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) لم يتحسن عام 2017.
استنادا إلى ما تقدّم، فإنّ السؤال الأهم يبقى ما هو واقع الاقتصاد العربي الراهن في ظل التحولات المتسارعة في المشهد العالمي؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ سلامة اقتصاد بلد ما عموماً تقاس بعدد محدود من المؤشرات الاقتصادية والمالية، أكثرها استخداماً وأهمها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (نمو الدخل)، ومعدل البطالة، ومعدل تضخم الأسعار، ووضع مالية الحكومة (وضع الموازنة الحكومية والمديونية العامة)، ووضع ميزان الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، والمديونية الخارجية. فإن كانت هذه المؤشرات سليمة وفي وضع جيد وقابلة للاستمرار، يكون الاقتصاد في وضع سليم في شكل عام ولا يحتاج إلى تمويل أو نصيحة أو توصية من المؤسسات الدولية أو الإقليمية التي تهتم بأوضاع الاقتصادات حول العالم مثل صندوق النقد والبنك الدولي.
في حالة البلدان العربية، فيمكن القول إنّ نسبة البطالة في البلاد العربية مرتفعة إذ بلغت نحو15 في المئة عام 2017 وترتفع إلى نحو 25 في المئة بين الشباب، وهاتان النسبتان أكبر من مثيلتيهما على مستوى الاقتصادات المتقدمة.
أما نسبة تضخم الأسعار على المستوى العربي، على أساس مؤشر أسعار التجزئة، فقد بلغت 7.8 في المئة عام 2017 ويتوقع أن تنخفض قليلاً إلى 6.4 في المئة عام 2018. وتجب الإشارة إلى التفاوت الكبير بين نسب التضخم على مستوى الاقتصادات العربية إذ تنخفض إلى 2.1 في المئة في اقتصاد الإمارات العربية المتحدة، وترتفع إلى نحو 29 في المئة في الاقتصاد المصري.
وبالنسبة إلى وضع المالية العامة (موازنة الحكومة على المستوى العربي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي)، فقد بدأت تواجه عجزاً (أي النفقات أكبر من الإيرادات) منذ العام 2014 الذي شهد انهياراً في أسعار النفط أدى إلى تحول الموازنة العامة على مستوى دول مجلس التعاون من فائض إلى عجز بلغ نحو 12 في المئة عام 2016، وانخفض إلى نحو 6 في المئة عام 2017، ويتوقع أن يستمر في عام 2018.
أما الحساب الجاري في ميزان المدفوعات على مستوى الاقتصاد العربي، فقد تحول من فائض بلغ نحو 179 بليون دولار عام 2014، إلى عجز بلغ نحو 141 بليون دولار عام 2016، وعجز عام 2017 بلغ نحو 56 بليون دولار، ويتوقع أن يستمر عام 2018. ويذكر أن الفائض الذي تحقق على المستوى العربي عام 2014 مصدره اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي إذ بلغ الفائض في هذه الدول نحو 237 بليون دولار.
وأخيراً يبين مؤشر المديونية الخارجية الإجمالية لسلامة الاقتصاد على المستوى العربي، أن الاقتصاد العربي مدين للخارج بمبلغ 1108 بلايين دولار عام 2017، يرتفع إلى نحو 1184 بليوناً في العام الحالي. ويلاحظ أن مبلغ المديونية الإجمالية الخارجية أكبر من مبلغ الاحتياطات الدولية التي بلغت نحو 960 بليون دولار عام 2017، تنخفض إلى نحو 906 بلايين هذه السنة.
في ضوء المؤشرات التي تقيّم صحة الاقتصاد وسلامته وأوضاعه على المستوى العربي، يمكن الاستنتاج أن الاقتصاد العربي يحتاج بشكل طارئ إلى صياغة خطة عمل لإعادة البناء والتعمير وخلق فرص عمل تجذب الشباب للمساهمة في تنمية البلاد، ووضع الاقتصاد العربي في منظومة الاقتصادات الراقية التي تفتخر بإنجازاتها ومتفائلة بمستقبلها.

إحصل على اشتراك سنوي في النشرة الاقتصادية العربية الفصلية

اشترك الآن